بلومبرج ترصد مستقبل شركة إيني في ظل حرب طرابلس.. وتؤكد: لديها مهارة التصرف في شبكة المصالح المعقدة
مصارف - طرابلس
أجرت مجلة بلومبرج الأمريكية تحقيقا صحفيا حول مستقبل شركة إيني الإيطالية التي تستحوذ على أكثر من 45% من إنتاج الغاز والنفط الليبي، في ظل تنامي العنف والاضطرابات الأمنية في البلاد.
وذكرت المجلة في التحقيق الذي طالعته قناة "مصارف ”، اليوم السبت، أن الشركة سيطرت على سوق النفط والغاز في البلاد منذ ستة عقود، لكن مستقبلها يبدو معلقا في ظل حالة الحرب التي تعيشها ليبيا الآن.
ونقلت المجلة عن مهندس شركة إيني السابق أحمد الشيخي، وصفه للأحداث التي تلت هذه المرحلة ، بأنه شعر بعد عودته إلى منزله كما لو كان في بلد آخر، حيث بدء العاملون في الشركة يشعرون بالقلق على مستقبلهم المهني.
واعتبر التحقيق، أن الفوضى التي حصلت إبان 2011م لم تحدث من قبل، وأخذت البلاد في منزلق الحرب الأهلية الكاملة، بحيث أصبح القتال بين طرفين متنافسين يهدد بتقسيم دائم لمنتج أوبك الرئيسي وتعطيل أسواق الطاقة العالمية، مؤكدا أن النزاع، أفرز فراغا يمكن أن يسمح لداعش وجماعات التهريب بزعزعة استقرار جيران ليبيا بما في ذلك أوروبا.
وقالت المجلة إن شركة إيني، تعمل في ليبيا منذ عام 1969م، مبينة أن قدرة العملاق الإيطالي على الازدهار تدور الآن حول البقاء في مكان تهيمن فيه على صناعة النفط على مدار 6 عقود والتي تعد أكبر مصدر للبترول.
وأجلت الشركة، التي تتخذ من روما مقراً لها موظفيها الإيطاليين في أبريل الماضي، عندما بدأت عمليات الكرامة، بالتوجه إلى طرابلس واشتداد القتال على الخط الأمامي في الضواحي الجنوبية، ومع استعداد قادة العالم للالتقاء هذا الأسبوع لحضور الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة في نيويورك، تم عقد اجتماع يوم الخميس لمناقشة مبادرة السلام الليبية الأخيرة، ولكن هذه المرة كانت المبادرة ألمانية.
وأردفت المجلة في السياق ذاته، أنه لا يزال بضع مئات من موظفي إيني المحليين يعملون في البلاد، حوالي عشرة من المديرين يسافرون ويخرجون لحضور الاجتماعات، ويميلون إلى قضاء أكثر من ليلة في العاصمة.
ونقل التحقيق، تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، كلاوديو ديكالزي، في يونيو الماضي، والتي أوضح فيها إنهم يواصلون الإنتاج، مشيرة إلى أن الوضع مستقر وأن العمليات العسكرية مستمرة منذ ما يقرب من العشر سنوات، في إشارة إلى أنهم قد اعتادوا على اندلاع الاشتباكات والنزاعات بين مختلف الأطراف، وأن هذه الأوضاع الأمنية غير المستقرة لم تؤثر على طبيعة استقرار الشركة.
واستكملت الشركة، مذكرة باللقاء الذي جمع الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديكالزي، برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وأكد خلاله الأخير التزامه الكامل بالبقاء في البلاد، في حين رفضت الشركة التعليق على هذا الموضوع.
وأبرزت المجلة، أن البنية التحتية للنفط في ليبيا خرجت من خضم الأحداث دون أن يلحق بها الضرر، لافتة إلى أنها ربما تعطلت صادرات النفط ولكن سعت جميع الأطراف إلى تجنب إلحاق الضرر بالمنشآت، ومنذ ذلك الحين وتحوي ليبيا احتياطات النفط الخام الأكبر في أفريقيا، كما تُعد مصدرا لأكثر من 95 % من عائدات التصدير قبل عام 2011م.
ورسمت المجلة خريطة السيطرة على النفط في البلاد، مؤكدة أن قوات الكرامة، تسيطر حاليا على الجزء الأكبر من مصادر النفط، من الحقول إلى خطوط الأنابيب إلى محطات التصدير، ولكن يظل أيضا مجمع مليته للنفط والغاز الواقع في زوارة، والذي يزود إيطاليا بـ 8-10 مليارات متر مكعب من الغاز كل عام عبر خط أنابيب غرينستريم، ضمن عملية مشتركة مع شركة النفط الوطنية خارج منطقة نفوذ الكرامة، التي تحاول السيطرة على مواقع في المنطقة.
وحول الدور الإيطالي في البلاد منذ اندلاع الأحداث وتأثيره على الذراع الاقتصادية لإيطاليا في ليبيا "شركة إيني”، أوضحت المجلة، أن روما عارضت في البداية التدخل الذي أدى إلى إسقاط النظام السابق ، وأبدى قصر كيجي، تخوفه من عقد المقارنات مع حكم الاستعماري الإيطالي 1911-1943م، في ليبيا.
وبحسب التحقيق، فإن روما تراجعت لاحقًا عندما تم اختيار الناتو لقيادة العمليات في البلاد، وعندما انقسمت ليبيا في عام 2014م بين إدارتين متنافستين، دعمت إيطاليا حكومة الوفاق ولكن الأمور قد تتغير الآن، حيث التقى رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، السراج في روما بتاريخ 18 من سبتمبر الجاري، لمناقشة القضايا بما في ذلك الهجرة، وهو موضوع حساس وبارز في السياسة الإيطالية.
وقال مسؤول حكومي إيطالي طلب عدم ذكر اسمه، لبلومبرج، إن بلاده ستسعى إلى الحوار مع قوى أخرى لأن الأزمة تتطلب الحل السياسي، وليس الحل العسكري.
وبدوره، اعتبر الرئيس المشارك لمركز ISPI للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أرتورو فارفيللي، أن الحكومة الإيطالية تتخذ الآن موقفا غامضا جدا بشأن ليبيا، حيث تقف على مسافة متساوية بين الجانبين، مبررا ذلك بأنه لحماية مصالح إيني، حيث تسيطر قوات الكرامة على بعض آبارها في الجنوب وهذا أدى إلى مقاربة لم ترها الحكومة الإيطالية من قبل.
وخلص التحقيق إلى أن شركة إيني أصبحت مدركة تماما أن "الفصائل المتحاربة لم تبدي أي اهتمام حقيقي باتفاق سلام”، ولكن إذا كانت أي شركة أجنبية تعرف كيفية التصرف في شبكة المصالح المعقدة هذه، فهي إيني.