أصدر المركزي أمس بيانه عن مصروفات الحكومة و عن إستخدامات النقد الأجنبي و ذلك عن الفترة من يناير حتى مايو 2020 م المنصرم ، و على الرغم إن البيان لا يعدو عن كونه بيان بالتدفق النقدي لأكثر و لا أقل فإن ما أظهرته بعض بنوده كانت كافية للحكم أو الجزم عن مدى عمق الأزمة الإقتصادية التي تعيشها البلاد اليوم و مدى الحاجة للتعاطي معها و ذلك بالنظر إلى ما خلفته من تداعيات و أثار سيئة على الإقتصاد و على حياة المواطنين خاصةً و إنها مرشحة لمزيد من التفاقم في حال ما أستمرت الظروف و أوضاع البلاد على ما هي عليها اليوم .
1- فالإيرادات النفطية التي تعتبر مصدر البلد الوحيد تقريبا في تمويل ميزانيها و التي قدرت عند حدودها الدنيا لم تحقق مستهدفاتها خلال الفترة موضوع البيان فإذا كانت الإيرادات النفطية المعتمدة قدرت ب 2،500 مليار دينار أي بمعدل 500 مليون دينار شهرياً فان القيمة الفعلية المحصلة عن الفترة لم تتجاوز 2،102 مليار دينار و بإنخفاض قدره 398 مليون دينار و بما نسبته 0/16 من المستهدف .
-2 بلغت الإيرادات السيادية المحصلة من ضرائب و جمارك و رسوم خدمات و فوائض شركات عامة ما قيمته 673 مليون دينار و بإنخفاض قدره 868 مليون دينار و بما نسبته 0/043 من قيمته المقدرة بالترتيبات المالية و البالغة 1،541 مليار دينار مع ملاحظة إن الإيرادات الفعلية لم تتضمن قيمة الإيرادات المقرر توريدها من قبل شركات الإتصالات كمساهمةً في تمويل الميزانية و المقدرة ب 167 مليون دينار ، و هذه الإيرادات أي الإيرادات السيادية معرضة لمزيد من الإنخفاض خلال الفترة القادمة في حال ما لم يتم إحتواء وباء كورونا أو انحساره فأغلب هذه الإيرادات ثتأثر به مباشرةً ، و بالتإكيد إستمرار الإنخفاض في الآيرادات النفطية و السيادية على هذا النحو خلال الفترة القادمة سيؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم العجز في الميزانية مما سينعكس سلبا على قدرة الحكومة في تعاطيها مع كثير من الملفات أبرزها المتعلقة بتدهورالخدمات.
3- في المقابل بلغ الإنفاق الفعلي ما قيمته 14،146 مليار دينار فقط و بما نسبته 0/088 من قيمة الإنفاق بالترتيبات المالية و المقدر ب 16،041 مليار دينار حيث بلغ الوفر في الإنفاق ما قيمته 1،895 مليار دينار رغم إن تقديرات الإنفاق كانت أقل عما كانت عليه خلال عام 2019 م و بالتأكيد إستمرار الإنفاق على هذه الوتيرة سيؤدي إلى تقليص نسبة العجز في الميزانية
4- بلغت قيمة الإيرادات المحصلة من الضريبة على النقد الأجنبي ما قيمته 8،328 مليار دينار خصص ما قيمته 7،453 مليار لإطفاء الدين العام و مبلغ 875 مليون دينار لتمويل البرامج التنموية أي تنفيذ البند الرابع من محضر الإصلاحات الإقتصادية و هذا الإجراء ساهم بالتأكيد في ضمان إستدامة التمويل حتى اليوم على الأقل
4- بلغت قيمة قرض مصرف ليبيا المسيل خلال الفترة ما قيمته 11،128 مليار دينار و بما نسبته 0/042 من إجمالي قيمة القرض المخصص لتغطية العجز بالترتيبات المالية و المقدر ب 26،706400 مليار دينار حيث المركزي ملزم وفق للتفاهمات التي تمت بشأن الترتيبات المالية بتسييل هذا القرض بإنتظام و بمعدل 6،676600 مليار دينار لكل ربع سنوي و بما قيمته 2،225533 مليار دينار شهرياً .
و لكن و في الجانب الأخر أظهر ميزان المدفوعات عجزاً قدره 2،772 مليار دولار و هذا يعني تراجع و إنخفاض واضح في إحتياطي النقد الأجنبي و هدا الإنخفاض ستزداد حدته إذا ما أستمر توقف تصدير النفط و إنخفاض أسعاره في السوق العالمية و قطعاً
هذا سيكون له أثار و تداعيات سيئة على القدرة الشرائية للدينار و على سعره أمام الدولار في السوق الموازي و على أزمة السيولة التي يتوقع تفاقمها .
عليه و بناء على ما تقدم و نظراً لعمق الأزمة الإقتصادية و تعقيداتها و ما خلفته من أثار و تداعيات فإن الحكومة يبدو اليوم ملزمة و مضطرة أكثر من أي وقت مضى بالتعاطي و التعامل معها من خلال إيجاد الحلول و المعالجات اللازمة و الناجعة لها عبر الإجابة على التساؤلات الأتية و التي تشغل بال و هموم جميع المواطنين و من أبرزها -
1- كيف سيتم التعويض عن الأضرار التي لحقت ببيوت المواطنين جراء الحرب ؟
2-كيف سيتم صرف مرتبات المعينين منذ سنوات سابقة و البالغ
عددهم أكثر من 300000 موظف حسب تصريحات وزير المالية و ماذا عن مرتبات العاملين بالشركات المتعثرة ؟
3- كيف سيتم رفع الحد الأدنى للمعاشات الضمانية للمتقاعدين و الذين أصدرت بحقهم قرارت بالخصوص ؟
4- كيف سيتم صرف قيمة علاوة الأبناء و ربات البيوت المستحقة و المتراكمة منذ سنوات و التي لا يجوز ربطها و إشتراط صرفها برفع دعم الوقود ؟
5- ماذا عن زيادة مرتبات العاملين بالقطاع العام و التي تأكلت قدرتها الشرائية جراء إرتفاع الأسعار ؟
6- كيف سيتم معالجة تدهور الخدمات الأساسية سيما الكهرباء و النظافة العامة و المياه ؟
7- كيفية التعامل مع وباء كورونا الذي بداء و للأسف في الإنتشار على الرغم من ضخامة المبالغ المخصصة لمواجهته ؟
كما يجب على الحكومة و بالتنسيق مع المركزي الإجابة على التساؤلات المتعلقة بكيفية الحد من معدلات التضخم و دعم الدينار و تخفيف إزمة السيولة ؟