قال وزير المالية بحكومة الوفاق فرج بومطاري إن هناك كمية كبيرة جدًا من الأموال تُهرّب من ليبيا، موضحًا أن سبب نمو ظاهرة الفساد المالي وجود سوق موازية وسهولة نقل الأموال، مُشيرًا إلى أن الإنفاق العسكري بشرق ليبيا لا توجد بيانات دقيقة عنه.
وذكر بومطاري في حوار مع له مع موقع "الجزيرة نت”، طالعته "مصارف”، أن ليبيا تأثرت ماليًا في الحرب على طرابلس حيث حدث دمار كبير في البنية التحتية وهجرة لرؤوس الأموال وتهريب مبالغ مالية كبيرة من ليبيا منذ عام 2011م، لافتا أن ذلك عكس ما حدث في بعض الدول بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، مثل رواندا وجنوب أفريقيا وغيرهما، حيث كان انعكاس الحرب عليها إيجابيا في النمو وتطوّر الصناعة.
وأوضح أن الخسائر التي تكبّدتها ليبيا كانت مختلفة، مُستدركًا: "على مستوى البنية التحتية مثلا لم تكن هناك تقديرات من الحكومات المتعاقبة، ومن ناحية القطاع الخاص وأملاك المواطنين كانت هناك محاولة لتقييم الأضرار ولم يتم حصر جميع الأضرار المالية بشكل رسمي، أما خسائر إغلاق النفط فتقدر الآن بحوالي 130 مليار دولار”.
وتابع بومطاري أن التقديرات غير الرسمية لتلك الخسائر تؤكد أن ما بين 100 و200 مليار دولار هو إجمالي الخسائر التي تكبدتها ليبيا من بينها خسائر البنية التحتية والقطاع الخاص وأملاك المواطنين.
ولفت إلى وجود إشكالية قائمة حاليًا، وهي مصطلح توزيع الثروة والموارد، وأنه أسيء تفسير واستعمال هذا المصطلح، والمقصود ليس تقسيم الموارد والثروة، وإنما هو توفير احتياجات المواطن في أي مكان، زاعمًا أن حكومة الوفاق تقوم بذلك حيث تغطي الآن ميزانيتها العامة كامل التراب الليبي من المرتبات والخدمات والميزانيات التسييرية ودعم الوقود والأدوية وغيرها – على حد قوله
وتابع بومطاري: "هناك فجوة بسيطة بين ما تغطيه حكومة الوفاق ماليًا وما يغطى من المنطقة الشرقية، وهذا نحاول خلق تقارب فيه من خلال لجنة مشتركة برعاية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تحاول توحيد وسد أي فجوات في الإنفاق الحكومي”، مشيرًا إلى أن تلك اللجنة تم تشكيلها منذ سنوات برعاية من الأمم المتحدة، وأنها تتابع الإنفاق الحكومي بين المنطقتين الغربية والشرقية، كما أن هناك خطوات جيدة في هذا الاتجاه خلال الأعوام الماضية لتوحيد الإنفاق الحكومي خاصة في الباب الأول من الميزانية العامة.
وواصل: "هذه العملية مستمرة وسيكون انعكاسها إيجابيا خاصة في ملف النفط والقبول بفرض السياق الطبيعي في تحصيل الإيرادات المالية لإنفاقها في الميزانية العامة على كامل التراب الليبي، والإنفاق العسكري في حكومة الوفاق محدد في الميزانية العامة للدولة المعتمدة في عام 2020م، مُتابعًا: "جلّ الإنفاق العسكري هو إنفاق خاص بالمرتبات، ماعدا ذلك لا توجد قيم مالية كبيرة مخصصة للعمليات الدفاعية لأن كامل العتاد والتجهيز متوفر لوزارة الدفاع، بالنسبة للمنطقة الشرقية لا توجد لدينا بيانات دقيقة عن الإنفاق العسكري وأبوابه وآلية الصرف وتصنيفاتها”.
وعن المسؤول عن مراقبة السوق المالية في ليبيا، أجاب أن هذا الإشكال قديم جديد، مبيّنا أنه عندما أقرت حكومة الوفاق الإصلاحات الاقتصادية عام 2018م، كان ضمن بنود الإصلاحات الاقتصادية تفعيل دور مصرف ليبيا المركزي في الرقابة على النقد الأجنبي لإنهاء السوق الموازية وضبط تداول العملات الأجنبية، وهذا الدور ما زال غائبا، مُبينًا: "السوق النقدي بأدواته المصرفية ومكاتب الصرافة دوره غير فعال وغير مراقب، وهذا الإشكال الذي نعانيه هو من مسؤولية مصرف ليبيا المركزي الذي يجب عليه تفعيل أدوات الرقابة”.
وشدد على أن سبب نمو الفساد المالي في ليبيا هو توفر سوق موازية وسهولة نقل الأموال لأن أي موظف عمومي في أي جهة عامة بإمكانه تهريب الأموال بسهولة في السوق الموازية، ضاربًا على ذلك مثالاً أنه العام الماضي كان متوفر في السوق الموازية أكثر من 10 مليارات دولار من بينها منح أرباب الأسر والقيم المالية الممنوحة في الحوالات الشخصية، وهذا هو السبب الرئيسي في نمو ظاهرة الفساد.
واسترسل بومطاري: "كانت لدي جلسات سابقة مع مكتب النائب العام، وقدمت كامل المستندات والخلفيات بتفاصيلها بشكل دقيق إلى سلطات التحقيق، ولا يمكن التنبؤ بالأرقام الدقيقة عن حجم الاعتمادات المصرفية الممنوحة للتجار بسبب غياب التنسيق والمنظومات الرقابية المحكمة، وما بين 50% و60% من النشاط التجاري يتم خارج المنظومة المصرفية، وهذا مؤشر خطير يدل على أن هناك كمية كبيرة جدًا من الأموال تهرّب من ليبيا”.