يمثل منصب محافظ المصرف المركزي أحد المناصب السيادية ذات الأهمية للدولة وموقعها الاقتصادي والمالي ، ونظراً لأهمية هذا المنصب أطلق عليه (محافظ أو حاكم) ، وتعزيزاً لدوره في إدارة السياسة النقدية والحفاظ على الاستقرار المالي للدولة والرقابة والاشراف على الجهاز المركزي ، مكافحة غسيل الأموال والإرهاب ، فقد وضعت الدول العديد من المعايير والشروط لمن يشغل هذا المنصب . كما قامت المؤسسات المالية الدولية والمهتمين بالقطاع المصرفي عامة والبنوك المركزي خاصة بالمنادة بإستقلالية محافظ أو حاكم المصرف المركزي ، والمطالبة بأن من يتولى هذا المنصب يكون مستقل ولا ينتمي لإي توجهات أيديولوجية أو جهوية ، وأن يكون ولأه للوطن والمواطن لاغير . يعمل مع الفريق الفني والإداري والخبراء على المحافظة على الاستقرار المالي للدولة ، ويعمل على المحافظة على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم وفق المعايير المقبولة ، واستقرار سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية .
ونظراً لهذه الأهمية والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على محافظ البنك المركزي ، فقد أستعانة العديد من الدول بخبرات دولية لا ينتمون لجنسية البلد لإدارة هذه المؤسسة التي تتربع على قمة الهرم المصرفي . وعبر التاريخ شهدت المصارف المركزية تطور كبير في المهام والمسؤوليات ، والتي جميعها تهدف للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي للدولة ، وتجنيبها الازمات الدولية والتقلبات الاقتصادية .
ليبيا في هذه المرحلة تعاني العديد من المشاكل الاقتصادية والمالية ، وتشهد ترهل وتكلس في قطاعها المصرفي ، نتيجة للعديد من المشاكل ومنها انقسام مصرف ليبيا المركزي إلى شطرين ، شطر في غرب البلاد وشطر في شرقها كان له انعكاس كبير وخطير على أداء القطاع المصرفي بالكامل ، وانحراف المصارف التجارية عن القيام بدورها الطبيعي ، وتحولت لأكشاك لدفع المرتبات والتجارة في العملات لصالح بعض العاملين ضعاف النفوس ، وأصبحت أقطاعيات عائلية وشللية لمجموعة من الارزقية على حساب المواطن والعملاء .
من هنا أصبح على من يتولى المصرف المركزي أن يكون على درجة عالية من الوعية بأهمية هذه المشاكل وأن يكون ذا خبرة ودراية بطبيعة العمل المصرفي ، وله القدرة والإرادة أن يبادر لتغيير الوضع السيء الذي يعاني منه القطاع المصرفي ، ويعمل على أبتكار أدوات غير تقليدية لتصحيح الاختلالات الجوهرية التي يعاني منها الاقتصاد الليبي ، ويتعاون مع كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات من أجل العمل على إعادة التوازن والاستقرار لهذا البلد أقتصادياً .
وعلى المؤسسة التشريعية ، أن تضع معايير وشروط وأهداف لمن يسعى لشغر هذا المنصب ، يتم الإعلان عنها في وسائل الاعلام ، وتشكل لجنة لإستلام طلبات المترشحين ، وأن تتم المفاضلة بين المتقدمين وفق الشروط الموضوعة ، وتحدد جلسة علنية لإستعراض السيرة الذاتية لكل مرشح ، ويتم التصويت سرياً على اختيار المحافظ ، ونائبه ، ومجلس الإدارة في جلسة واحدة .
لهذا من يرى في نفسه الكفاءة وقادر ان يقدم نفسه بطريقة حضارية بعيداً عن كولسة المرابيع ، والمحاصصة ، في منافسة شريفة للفوز بهذا المنصب المهم .