آخر الأخبار
أسعار العملات
الدولار الأمريكي  4.5105 د‫.‬ل   اليورو  5.3779 د‫.‬ل   الجنيه الاسترليني  6.2836 د‫.‬ل   الدولار الكندي  3.5755 د‫.‬ل   الدولار الاسترالي  3.4961 د‫.‬ل   الفرنك السويسري  4.8464 د‫.‬ل   الكرونر السويدي  0.5321 د‫.‬ل   الكرونر النرويجي  0.5353 د‫.‬ل   الكرونر الدنمركي  0.7231 د‫.‬ل   الين الياباني  4.15 د‫.‬ل   الريال السعودي  1.2026 د‫.‬ل   الدرهم الاماراتي  1.2281 د‫.‬ل   الدينار التونسي  1.6388 د‫.‬ل   الدينار الجزائري  0.338 د‫.‬ل   الدرهم المغربي  0.5004 د‫.‬ل   اوقية موريتانية  1.26 د‫.‬ل   فرنك افريقي  0.0082 د‫.‬ل   الروبل الروسي  0.612 د‫.‬ل   الليرة التركية  0.6021 د‫.‬ل   الايوان الصيني  0.6941 د‫.‬ل  

محمد احمد يكتب : عن المحاسبة والافصاح والشفافية في ليبيا.

مصارف_مقالات 

في نهاية الثمانينات تعرفت من خلال العمل على محاسب مصري "عصام" في أحد الشركات العامة. كان عصام أنسانا راقيا مهذبا مثالا للعامل المصري المجتهد الذي يتغرب من أجل يحقق له ولأسرته حياة أفضل. كانت السيدة زوجته متضايقة من وجودها في بلد غريب وبيئة مختلفة ذات ثقافة أكثر تشددا ومحافظة، وكانت لا تخفي ذلك وتطالب عصام باستمرار بالعودة إلى وطنهم مصر حتى لو كان المرتب هناك أقل عائدا. كانت أماسينا الصيفية على الكورنيش في عروس البحر طرابلس مع كؤوس الجيلاطي صيفا وطواسي الشاهي باللوز شتاء مع النسمة العليلة أو الباردة بحسب الموسم من أجمل اللحظات التي قضيتها. في طرابلس على طريق الشط الناس تراهم مستعجلون وقلقون يقودوا سياراتهم بسرعة فائقة وربما أحيانا قاتلة ليقفوا في النهاية يناجون أمواج البحر بشاعرية ويلقون الاحاديث الرومانسية ويتجاذبون أطراف الاحاديث السياسية بحذر شديد. أكثر شيء تسمعه الشائعات والتي ما أنزل الله بها من سلطان، على زماننا كانت المصادر راديو لندن، أو صوت أمريكا أو دويتش فيللا مع التحريف والبهارات وهو ما أصطلح في النهاية بتسميته "راديو فانتي" وهو راديو يعتمد على رأس خيط من إذاعة أجنبية ومن ثم تضاف له البهارات الليبية ليصبح شائعة معتبرة تتناولها قبل الذهاب للنوم وتصرح بها صباحا في العمل هذا أن لم تجد الحارس صباحا يقول لك "ما سمعتش؟".

أحد الأيام قابلني عصام بمزاج متعكر ووجه شاحب غاضب. فقد تم إبلاغه من مديره بالشركة أن هناك قرارا من أمانة الخدمة العامة بالاستغناء عن كل العمالة الأجنبية في الوظائف الإدارية. كان النظام الإداري آنذاك هو أن يتحصل العامل الأجنبي على عقد خارجي وهو ما يسمح له بتحويل جزء من مرتبه بالنقد الأجنبي. مدير شركة عصام أبلغه بخيارين الأول هو أن يوقع عقدا داخليا لا يسمح له بتحويل مرتبه بالعملة الصعبة أو أن يوقع عقدا جديدا بصفته فني قياسات وهو مستثني من قرار الخدمة العامة الذي ينص على الاستغناء عن العمالة الأجنبية في المجالات الإدارية والمحاسبة أحداها.

أتذكر أحاديثنا الطويلة أنا وعصام عن هذه القضية. كنت في تلك الاثناء متحيزا بشدة إلى سياسة تلييب الوظائف وذلك للتخفيف من الأعباء الاقتصادية على الدولة والحفاظ على العملة الصعبة. عصام كان يقول أن المحاسبة هي عمل فني أولا والأهم أن الليبيين كشعب لن يتقن مهنة المحاسبة الإدارية أبدا ولا بد لهم أن يواصلوا الاستعانة بالخبرات الأجنبية. لماذا يا عصام؟
الليبيون لا يطيقون صبرا فالمحاسب العام أو الإداري شخص يجلس لثمان ساعات متواصلة أو أكثر وهو يدقق في تدفق من الأرقام يوميا وشهريا وسنويا وهذا يحتاج إلى صبر أيوب وأنتم يا ليبيين لا تملكوا حرفا واحدا من هذا الصبر. كل المحاسبيين الذين التحقوا بشركتنا يتهربون من محاسبة الأصول ويقفزون إلى المحاسبة التجارية الأكثر نشاطا والأقل التزاما بالجلوس. كذلك فأن الليبيون ينظرون للمحاسب الإداري كخزنة أو دولاب في مكتب ليس أمامه فرص الترقي والحصول على مناصب عليا ألا فيما ندر. ولا ينكر عصام أن كثير من الليبيين حققوا إنجازات علمية متقدمة في المحاسبة من جانب أكاديمي ألا أن الجانب العملي فأن التقدم فيه محدود جدا. المعضلة التي يعاني منها الليبيون في الأنظمة الحيادية مثل المحاسبة أو حتى الشرطة هي أنهم شعب يميل إلى العاطفة أكثر من التزامهم بالقانون وهذا عامل آخر لعدم نجاحهم عمليا كمحاسبيين بالرغم من نجاحهم فيها اكاديميا. أخيرا فأن المصريين أو ممكن بعض الاخوة من فلسطين هم المرشحون للمساعدة في دعم النظام المحاسبي الليبي ومنعه من الانهيار من ناحية اللغة والثقافة وهذا هام جدا.

إذا ماذا تتوقع أستاذ عصام لو أصررنا على تنفيذ قرار طردكم من هذه المهنة؟
للأسف أتوقع أن الكثير من الميزانيات الختامية لن تقفل، وسيضيع أثر قيم الأصول، وسينعدم الإفصاح، وسينتشر الفساد.
عني شخصيا لم أتفق مع عصام آنذاك ولكني اليوم أفكر فيه مليا وعصام على أبواب التقاعد من وظيفة في المملكة العربية السعودية.

================================
.
في التفاوض والحوار السياسي
.
في نظرية اللعبة احدى استراتيجيات النصر غير المكلف هو المبالغة في التهديد bluffing. عندما تجد نفسك في منتصف اللعبة وتكتشف أنك تفقد كل الأوراق التي قد تؤهلك للربح فأنك تلجأ لوسيلة الإيحاء للخصم بأنك تمتلك ما يؤهلك لسحقه متأملا أن يتخذ الخصم سلسلة من الخطوات غير الرشيدة التي تقود لتسليم ما يملكه من أوراق رابحة أو التوقف عن اللعب.
في الثقافة الامريكية هناك تعبير يقول A Pair of Balls Beats Everything، لن أترجمه حرفيا لكن من ناحية المعنى فهو يقول "عندما تتظاهر بالرجولة فأنك ستهزم كل شيء". من الواضح أن هذا ما يتم استعماله اليوم في لعبة التفاوض السياسي. تم هزيمة النخب السياسية الليبية الوطنية خلال السنوات الماضية مرارا وأجبرت على تبني حلول غير نابعة من الرشد السياسي الناضج داخليا وتحولت إلى وصفات جاهزة مصممة بعيدا جدا.

الوضع يتجه إلى نموذج Take it or leave it وهو وضع تفاوضي حاد لن يقود أبدا إلى انفراج وهو تكرار لنفس السيناريوهات السابقة على طريقة قص لصق.