ما بين مليون ونصف المليون، ومليوناً موظف ، في بلد لا يتخطى عدد سكانه السبعة ملايين ونصف، يعني ضعف عدد الموظفين في المانيا ثلاث مرات التي يتجاوز سكانها عدد سكان ليبيا أكثر من عشر مرات .
رقم المليون ونصف بالتأكيد كبير ، وبالطبع صادم يفتح علينا حُزمة من الأسئلة الحائرة .
لماذا تضخم هذا الرقم إلى هذه الدرجة ؟ وكيف يتذمر الموظف بسبب مرتبه الزهيد، أو الهزيل من ناحية، ومن اخرى ، ومازال مُصراً على هذه الوظيفة؟
ثم ماهي انتاحية هذا الموظف ؟
المشكلة ليست إدارية فقط ، حيث أسست سياسة التوظيف الحكومي لثقافة ( كل من لا يعمل في الحكومة لا يعمل) ، أو بتعبير أدق.
كل من لايتقاض مرتباً من الحكومة عاطل عن العمل.
ثقافة الوظيفة الحكومية حق للجميع أدت إلى تورم الجهاز الإداري، وتكدس الموظفين، وانتشار الاتكالية ، والأسوء من ذلك اختزلت التعليم في الحصول على شهادات ، ليس من أجل الأداء الوظيفي ، بل من أجل مرتب الوظيفة .
وهكذا صرنا أمام حقيقة صعبة، فقد تحولت مدارسنا من مؤسسات التأهيل العلمي ، إلى ورقة في مصوغات التعيين ، والحصول على مرتب أفضل، في وظائف بدون مجهود .
وزد على ذلك مرتبات تستحوذ على ثلثي الانفاق الحكومي ، على حساب الاستثمار في التنمية، وإعادة الإعمار، ورفع المستوى المعيشي للفرد الليبي .
حتى ملاكات المؤسسات العامة، التي كان ينبغي أن تكون بديلاً عن فوضى التعيينات، جاءت لتشر عن تضخم الاجهزة الإدارية.
اما ملف التنمية البشرية، فصار مجرد باب للأنفاق، وليس مشروعات لتطوير الأداء، ورفع الكفاءة ، وبناء الكوادر والقدرات ؟