آخر الأخبار
أسعار العملات
الدولار الأمريكي  4.5105 د‫.‬ل   اليورو  5.3779 د‫.‬ل   الجنيه الاسترليني  6.2836 د‫.‬ل   الدولار الكندي  3.5755 د‫.‬ل   الدولار الاسترالي  3.4961 د‫.‬ل   الفرنك السويسري  4.8464 د‫.‬ل   الكرونر السويدي  0.5321 د‫.‬ل   الكرونر النرويجي  0.5353 د‫.‬ل   الكرونر الدنمركي  0.7231 د‫.‬ل   الين الياباني  4.15 د‫.‬ل   الريال السعودي  1.2026 د‫.‬ل   الدرهم الاماراتي  1.2281 د‫.‬ل   الدينار التونسي  1.6388 د‫.‬ل   الدينار الجزائري  0.338 د‫.‬ل   الدرهم المغربي  0.5004 د‫.‬ل   اوقية موريتانية  1.26 د‫.‬ل   فرنك افريقي  0.0082 د‫.‬ل   الروبل الروسي  0.612 د‫.‬ل   الليرة التركية  0.6021 د‫.‬ل   الايوان الصيني  0.6941 د‫.‬ل  

نورالدين رمضان حبارات يكتب: ما هي التدابير المالية التي اتخذتها الحكومة في مواجهة وباء كورونا ؟

مصارف_مقالات
بقلم /نورالدين رمضان حبارات
متابع و مهتم بالشأن  الاقتصادي و السياسي

( قراءة تحليلية قانونية مالية )
يواجه العالم اليوم أزمة وبائية غير مسبوقة عبر تاريخه و ذلك بسبب تفشي و انتشار وباء كورونا الفتاك الذي أودى بحياة الألاف من البشر بين قتيل و مصاب و عصف بالإقتصاد العالمي الذي أصبح يترنح تحت وطأة الركود .

و نظرا لخطورة هذا الًوباء فإن كافة دول العالم إتخدت العديد من الإجراءات و التدابير في مواجهته بهدف القضاء عليه أو الحد منه و إحتوائه ، فحكومات الدول المتقدمة بدأت في رصد و تخصيص الأموال و الإعتمادات الإضافية لتوفير كافة المتطلبات و المستلزمات الطبية و الضرورية لمواجهته و للوقاية منه و بموازاة ذلك بدأت في إجراء الأبحات و التجارب العلمية لإكتشاف اللقاحات و العلاجات المضادة لهذا الفيروس ، في حين إنشغلت حكومات الدول النامية بتدبير الأموال و الميزانيات الطارئة وفق ما تقتضيه تشريعاتها و قوانينها المحلية بهدف توفير كافة المتطلبات لمواجهته مع تكثيف البرامج و الحملات التوعوية للوقاية من هذا الوباء .

و ليبيا ليست ببعيد أو إسثتناء من ذلك فهي معرضة لهذا الوباء و على حكومتها إتخاذ كافة التدابير اللازمة إزاءه كما إن المشرع الليبي لم يغفل تعاطي الحكومة ماليا مع هذه الحالات أو الظروف ، فالمادة (13) فقر (1) من قانون النظام المالي للدولة نصت صراحة على (يجوز في حالة الضرورة وضع مشروع ميزانية إسثتنائية لإكثر من سنة تتضمن موارد و نفقات إسثتنائية )، كما حددت المادة (16) من القانون المذكور للحكومة ستة حسابات منفصلة منها حساب الإحتياطي العام و حساب الطوارئ تودع به الأموال التي تخصص لمواجهة الحالات الطارئة.

و يقصد هناء بالحالات الإسثتنائية الحالات التي تتعرض فيها البلاد لقدر الله لظروف غير عادية كالكوارث الطبيعية من زلازل و اعاصير و فيضانات أو في حالات انتشار الأوبئة و الحروب جراء تعرضها لغزو خارجي و في هذه الحالات يتم وضع مشروع ميزانية إسثتنائية منفصلة عن الميزانية العامة للدولة تمول من موارد إسثتنائية إما من خلال السحب من الاحتياطي العام أو من خلال القروض.

و لكن الأهم من كل ذلك هو ما تضمنته نصوص القانون رقم (127) لسنة 1970م  بشأن تخصيص موارد للإحتياطي العام ، حيث نصت المادة (2) منه صراحة على (يخصص لحساب الإحتياطي العام حصة من دخل النفط في كل سنة لا تقل عن 0/015 و تحدد هذه النسبة سنويا من قبل مجلس الوزراء و يخصص ما لا يقل عن 0/070من الباقي من دخل النفط بعد خصم ما يضاف منه إلى الاحتياطي العام لتمويل البرامج التنموية ) كما حددت المادة (3) المبالغ التي تؤول إلى حساب الاحتياطي العام والمثمتلة في الاعتمادات في الميزانية العامة التي لم يتم صرفها حتى نهاية السنة المقررة فيها هذه الإعتمادات كما تودع في هذا الحساب المبالغ التي لا يتم انفاقها إلى نهاية سنوات الخطة من الإعتمادات المدرجة في ميزانية التحول ، في حين أجازت المادة (4) السحب من حساب الإحتياطي العام لمواجهة حالة مفاجئة لا تستحمل التأخير طراءت بعد إقرار الميزانية و لا تكفي لمواجهتها المبالغ المدرجة فيها بحساب الطوارئ شريطة ألا تتجاوز المبالغ المسحوبة خلال السنة المالية 0/010 من رصيد الإحتياطي العام على أن يتم السحب بقرار من مجلس الوزراء بناء على عرض من وزير الخزانة يحدد فيه المبالغ المسحوبة و تاريخ ردها على ألا يتجاوز هذا الميعاد نهاية السنة المالية التي سحبت خلالها .

و بالإمعان في نصوص تلك المواد يتبين لنا الغاية و الأهداف السامية التي يتوخاها المشرع من هذا القانون فهو يولي إهمية كبيرة جدا لحساب الإحتياطي العام  و ما يعزز ذلك الضوابط و الإشتراطات الصارمة التي تضمنتها المادة (4) و التي تكفل إستدامة و نمو الإحتياطي العام  و عدم تأكله . 

غير إنه في العام 1993م صدرت تعليمات أو بالأحرى توجيهات من أعلى سلطة أنداك تقضي بتجنيب قيمة الزيادة في الإيرادات النفطية الفعلية عن المقدر لها في الميزانية و إيداعها في حساب يعرف بحساب المجنب الذي فتح خصيصا لهذا الغرض و حددت الضوابط بشأن هذا الحساب إن الهدف منه هو تكوين إحتياطي للأجيال القادمة ما يعني بذلك عمليا تجميد قانون الاحتياطي العام المذكور أعلاه دون المساس به رسميا لا بالتعديل أو بالإلغاء . 

و نظرا للإجراءات و الضوابط التي أتبعتها اللجنة الشعبية العامة سابقا و ذلك في إطار ما يعرف بسياسة الإنضباط المالي و التي أرتكزت أصلا على التقيد بقانون النظام المالي و اللوائح الصادرة بمقتضاه و على أسس و قواعد الميزانية العامة المتعارف عليها كقاعدة التوازن فالإنفاق العام يجب أن يكون في حدود الإيرادات المعتمدة و لا يتجاوزها أي العجز في الميزانية غير مسموح و الدين العام يتم إستهلاكه سنويا بإستقطاع نسبة 0/05من إجمالي الإيرادات النفطية عند المنبع بهدف إطفائه و السيطرة عليه و قد كان لها ذلك فنسبة الدين العام كانت لا ثمتل شيئ من الناتج المحلي للبلاد ،كما إن الإيرادات السيادية من ضرائب و جمارك و وسوم و فوائض شركات تساهم في تمويل ما نسبته 0/070 من نفقات التسيير ( المرتبات و ونفقات الجهاز الإداري و نفقات الدعم ) و هذه النسبة كانت إلزامية في حين تمول النسبة المتبقية و المقدرة ب 0:030 من الإيرادات النفطية حيث تمول هده الإيرادات بدورها ميزانية التنمية ، و ليس هذا فقط بل إن قاعدة سنوية الميزانية كانت متبعة و ملزمة فالسنة المالية تبداء في 1/1 و تنتهي في 31/12 من كل عام و الإعتمادات المالية التي لا يتم صرفها حتى نهاية السنة تلغى أي تصفر و ترجع البواقي إلى حساب الإيراد العام عملا بإحكام المادة (7) من القانون المذكور أعلاه و ذلك لإعادة تبويبها كمصدر من مصادر تمويل الميزانية للسنة التالية كما إن التعلية أي نقل البواقي إلى حساب الإمانات بحجة وجود إلتزامات مالية لا تتم إلا في الحالات و الضوابط التي حددها القانون .

و بالتأكيد ساهمت سياسة ما بعرف بالإنضباط المالي إلى جانب الطفرة النفطية التي شهدتها أسواق النفط إبان حربي الخليج الأولى عام 1991م و التانية عام 2003 م ساهمت في النمو المتزايد و المضطرد لحساب المجنب مما دفع اللجنة الشعبية العامة سابقا بإسثتمار جزء كبير منه يقدر ب 67 مليار دولار في صندوق الثروة السيادي للبلاد أو ما بيرف بالمؤسسة الليبية للإسثتمار و الإحتفاظ بالجزء المتبقي الذي قدر في نهاية 2011 م بمبلغ 28 مليار دينار لدى المصرف المركزي. 

لكن مع مجئ أول حكومة إنتقالبة خلال 2012 م (حكومة الكيب) و التي كان يتوقع منها أن تقوم بتطوير إدارة مالية الدولة من خلال إعادة توجيه الإنفاق و تنويع و تنشيط الإيرادات و توفير المرونة لإتخاد الإجراءات و التدابير اللازمة في مواجهة الصدمات الطارئة عبر إعادة صياغة قانون للمجنب أو إعادة تفعيل قانون الإحتياطي العام فبدلا من كل ذلك لجأت إلى سحب مبالغ مالية من حساب المجنب بقيمة 3 مليار دينار كميزانية إسثتنائية بحجة وجود ظروف طارئة رغم إن العام 2012 م شهد إستقرار يعتبر الإفضل منذ 2011 م و أعتمدت فيه ميزانية ضخمة تناهز من 70 مليار دينار و غادرت هذه الحكومة دون أن تعيد ذلك المبلغ إلى حسابه ، لتأتي بعدها حكومة إنتقالية تانية ( حكومة زيدان ) حيث أستمرت هذه الحكومة على نفس نهج سابقتها فهذه الحكومة سحبت مبلغ 2،800 مليار. 

دينار من الأموال المجنبة لصرفها في غير الأغراض المخصصة لها و ذلك بصرفها على علاوة الأبناء تنفيذا لقرار برلمانها المؤتمر الوطني العام لتبلغ اليوم مستحقات العلاوة المتراكمة قرابة 17 مليار. دينار كما قامت هذه الحكومة بسحب مبلغ 1،500 مليار دينار  قيل حينها منحة لإرباب الأسر لتغطية نفقات اللوازم المدرسية ، و أيضا غادرت هذه الحكومة دون أن تعيد كل هذه المبالغ إلى حساب المجنب ، في العام 2014 م أتت حكومة الإنقاذ و في ظل توقف تصدير النفط حينها لجأت إلى إستنفاذ ما تبقى من الأموال المجنبة لتغطية العجز في الميزانية لذلك العام .
 
أما عند مجئ حكومة الوفاق في العام 2016 م  فهذه الحكومة لم تجد أمامها أموال مجنبة أو إحتياطيات و لم تفكر في إعادة تكوينها فهي لم تفكر حتى في تنشيط و تنويع الإيرادات العامة و لم تأخد في حسبانها إنهيار إيرادات النفط ليس بسبب توقف تصديره فحسب بل لإعتبارات هبوط أسعاره جراء إنزلاق الإقتصاد العالمي في دائرة الركود و في المقابل لم تضع حد لسياسة الإسراف و الهدر التي لازمتها معتمدة في ذلك فقط على سلف المركزي في تمويل نشاطها و  ليتراكم على إثر ذلك الدين العام  ، و لتقف اليوم هذه الحكومة عاجزة حتى على تمويل ترتيبات مالية بقيمة 38،5 مليار دينار سيمول المركزي ما نسبته 0/070 منها بعد أن كانت تخطط لترتيبات ب 55 مليار دينار  و لتجد نفسها في مأزق مالي حقيقي بسبب وباء كورونا الذي فاقم معاناتها و الذي طال دول الجوار فهي مطالبة بإتخاد كافة التدابير اللازمة و توفير و تسخير كافة الإمكانات الطبية و التقنية و المالية لمواطينها للوقاية منه و لكن كيف ؟؟

فمركزها المالي ضعيف جدا و لا إحتياطيات مالية لديها و ايراداتها شبه معدومة و الديون أرهقتها و احتياطيها الأجنبي منهك و في نزيفه مستمر اقترب من حدوده الأمنة . 

و السؤال المهم هو كيف لحكومات تنفق و على مدار تماني سنوات ميزانيات بقيمة 340 مليار دينار تقريبا يقابلها 220 مليار دولار في شكل مدفوعات بالنقد الاجنبي و ليس لديها إحتياطي عام و طوارئ تحمي به مواطينها في مثل هذه الأزمات و ليس لديها أيضا إحتياطي لأجيالها القادمة كيف دلك ؟؟

و اليوم لم يبقى أمام المواطنين إلا شيئين في مواجهة هذا الوباء التوعية و الوقاية منه بالقدر الممكن و الإستغفار و التضرع إلى الله سبحانه و تعالى بالصلاة و الدعاء عسى أن  يبعد عنا هذا الوباء و البلاء فبالتأكيد الله قريب و مجيب الدعوات .