إذا كان الوهم هو دجل أو خرافة تتداول بهدف الضحك على الجمهور أو تصوير بطل خرافي لا وجود له، فهذا المفهوم لا يسري فقط على أحداث التاريخ او الحياة اليومية فحسب، بل الاقتصاد الليبي له وأهمية ودجاليه أيضاً، فالاقتصاد لا يعتمد على منهجية الوهم لينمو ويعالج مشاكل التضخم والعجز والبطالة.
وفي استطراد لمقال للخبير الاقتصادي البناي حول الشعوذة الاقتصادية لإحدى الدول النامية، نجيبه بوهم الاقتصاد الليبي، فالوهم في الاقتصاد لا يظهر وينتعش إلا بضرب عمود وأساس صنع قراراته وخططه، ألا وهو تناقض وتضارب البيانات، فكما هو معلوم لدى الباحثين ومتخذي القرار الاقتصادي أنه بدون بيانات وقراءات دقيقة لا يمكن بناء خطة استراتيجية أو تشغلية حتى لتسيير اقتصاد الدولة.
ومن الأمثلة الوافعية على ذلك نجد أن ديوان المحاسبة الليبي يؤكد في تقريره لسنة 2017م، أن إجمالي الدخل المحلي الإجمالي للفترة 2012- 2017 بلغ نحو 189 مليار دينار ليبي، بينما تؤكد منظمة (OAPEC) أن إجمالي الدخل المحلي الاجمالي لاقتصاد الليبي لنفس الفترة الزمنية 275 مليار دولار (أي 391 مليار دينار ليبي وفق سعر صرف 1.42). ويؤكد ديوان المحاسبة أن الإنفاق العام الفعلي للفترة 2012 -2017م، بلغت 277 مليار دينار ليبي، محدث عحز وفق التقرير 88 مليار دينار ليبي، وبالرجوع لفاعدة بيانات منظمة (OAPEC) نجد أن الاقتصاد الليبي قد حقق لنفس الفترة فائض ضخم جدا بلغ 132 مليار دينار ليبي.
فعمليا لا توجد بيانات حقيقىة بالاقتصاد الليبي تتفق عليها مؤسستان رسميتان بليبيا حول إنتاج الغاز أو النفط أو الذهب التي تعد أهم الثروات الطبيعية في ليبيا، وتمثل المصدر الوحيد تقريبا للدخل الليبي، بل الأنكى من ذلك حتى الإيرادات السيادية الغير نفطية مجهولة القيمة والمصدر، فالضرائب والتعريفة الجمركية ورسوم الخدمات العامة والضرائب التجارية لايعلمها الليبييون وتتضارب المصادر الرسمية في رصدها بل حتى في مصادرها، بل الأغرب من ذلك فرض ضرائب على بيع العملة الصعبة بطريقة خارج القانون ولا تدخل من ضمن الايرادات السيادية، محدثا خللا في قيمة الدخل الليبي وكذلك صنع سوق سوداء رسمي داخل البنك المركزي الليبي وهذه أول مرة تحدث في التاريخ الاقتصادي طبعا فضل على الدعم المعلن للسوق السوداء عبر الاعتمادات وسندات برسم التحصيل للمتنعمين بالمال العام والمسمون مجازا برجال الأعمال، بل حتى احصائية لعدد السكان تعجز الجهات الرسمية تقديمها لليبيين فمنذ عقود مضت تظهر التقارير الرسمية إن عدد الليبيين 6 مليون، طبعا هذا قبل الرقم الآثري الذي جمد الليبين بـ 3 مليون وكأنهم جماد وليس كائنات حية.
ولو نظرنا إلى قراءات التضخم لا تجد تقرير رسمي يتفق مع نظيره، بل أن المؤسسة نفسها تتضارب في بياناتها المتعاقبة، لتتضارب معدلات التضخم والبطالة والدين المحلي وقيم وقيمة الواردات، بل هناك متغيرات مهمة في العالم تعد بوصلة لصنع القرار الاقتصادي بها، تعد في ليبيا ضرب من الخيال مثل معدلات الفقر وخط الفقر المحلي ومؤشرات الشفافية وغيرها.
ألا يعد في مثل هذه البيئة إعداد البحوث العلمية والخطط الاقتصادية وصناعات القرار الاقتصادي ضرب من الوهم والخرافة، بل لن يساعد على معالجة مشاكل التضخم والبطالة والفقر والعجوزات الداخلية والخارجية بالدولة، بل أن متخذ القرار ليس لديه مرآة حقيقية او خارطة لترشده على وجود المشكلة وحجم فجوتها وبالتالي رسم الخطط والسياسات الاقتصادية الفاعلة والمناسبة للحد منها ومن ثم تقليصها أو علاجها، ألا يعد كل ما تعمله الحكومة في صدد الإصلاح والتنمية الاقتصادية والتقدم هو ضرب من ضروب الوهم والخرافة والخداع الاقتصادي.
فبالله عليكم كيف يمكن إعداد موازنة تقديرة تبنى على سياسات اقتصادية (مالية ونقدية واقتصادية) ودراسات جدوى اقتصادية في ظل مصرفين مركزيين وحكومتين وثلاث جهات تشريعية وجهتين قضائية وأحزاب بدون تشريع لإنشاءها بل دول أجنبية لديها أحزاب محلية تحكم بأمرها وووالخ، وكيف تبنى الدولة في ظل ترتيبات مالية يسمونها مجازا موازنة عامة تعدها دولة أخرى (بريطانيا) لليبيا، وإصلاحات اقتصادية أعدتها سكرتيرة مبعوث الأمم المتحدة بليبيا، بل كيف تسمى دولة ولا تتحكم في منافذها فحددوها البرية منتهكة قبل البحرية والجوية، وتدخل لها كل السلع المسرطنة والمحرمة دوليا وحتى تجار المخدرات والسلاح لايرون دولة أمامهم بل يعدها منطقة فراغ وكأنه يعبر الفضاء للمريخ، الخلاصة وببساطة فاقد الشيء لا يعطيه.
وهم الصناعة، دولة ثرية تنتج النفط من منتصف القرن الماضي، وانشئت المصانع كبيرها وصغيرها ووضعت خطط خماسية ووزرقاء (Blue Plan 2025) وغيرها كثير، والنتيجة لا توجد قيمة مضافة بالناتج المحلي الاجمالي من قطاع الصناعة، حيث تصل مساهمة الصادرات النفطية بالناتج المحلي الاجمالي نحو 100%. فبالله كيف يستقيم الظل والعود أعود، وفي الحقيقة هذا وهم في وهم، فكيف تفكر في الصناعة وانت تفتقد لابسط بناها التحتية، فلاكهرباء ولا طرق ولا خطوط مناولة ولا نظام مصرفي أو سوف مالي داعم للتمويل ولاخبرة للرأس المال البشري …الخ بل حتى المواطن العادي يعاني الامرين من عوز الكهرباء "طرح الاحمال يصل بالايام” وعوز الماء والغاز والبنزين والسيولة وزحمة الطرق …الخ.
لذا لم ولن يصمد كمنتوج محلي في صناعات صغيرة فضلا عن الكبيرة، بل أن حتى تلك المصنع ذات الصناعات الصغيرة بعضها تم نهب قيمتها عبر شرك الخصصة وبعضها الأخر أصبحت خردة مسكن للبوم والوزغ. فآنا لأعمى أن يقود بصير وكيف تنتهجون هذه الطريق ولا مقومات حقيقة لديكم رغم الثراء بالموارد الطبيعية، أليس هذا وهم وعبث بالموارد بحجة التنمية والنمو. فلكي تدعم أي نشاط صناعي وتضمن له النجاح، يجب أن توفر البنية التحتية له من كهرباء ومياه وطرق وخطوط مناولة …الخ، وكذلك "تحد من شروط النسيب الكاره” لمساعدة صغار الصناع، والحد من البيروقراطية الإدارية، وكذلك توفير تسهيلات في التمويل سواء عبر المصارف التجارية أو عبر سوق المال، وكذلك الانضمام للمنظمات الاقليمية والدولية لتوفير فرص منافسة وحصة بالسوق الاقليمي والدولي فضلا على المحلي، ودعم أصحاب الصناعات الذين في بداية طريقهم حتى يصنعوا علامات تجارية لهم، وذلك عبر الاستشارات وتعريفهم بمواصفات الجودة الاقليمية والدولية للرفع من فرص المنافسة ورفع جودة منتوجهم ولذلك زيادة فرص النجاح وغيرها من الطرق. وبالتالي سراب تنويع مصادر الانتاج عبر الصناعة وهم وخرافة للضحك على الشعب.
وهم الاستقرار (لا اقتصاد بدون استقرار سياسي وامني)، دولة من منتصف القرن الماضي وهي عرضة لعدم الاستقرار السياسي، فتارة تغيير نظام الحكم وتارة عقوبات دولية بسبب اسقاط طائرة وتارة سلاح نووي وتارة حكومة انتقالية لغرض استقرار الدولة ووضع دستور لها واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دائمة، فأصبحنا في وهم الحكومات الانتقالية والتي بدل ان تستقر أصبحت تنقسم ويستمر التنقل الحكومي الممتع لهم والمتعب للشعب، بل اصبح موظف نكرة بالامم المتحدة هو من يحكم البلاد ويدير شئونها الاقتصادية عبر ترتيبات يسمونها مالية وفي الحقيقة ترتيبات وصاية لقاصر كان تعرف لهم بالدولة الليبية، بل وتعدى ذلك الوهم إلى أن أصبحوا يضعون اصلاحات لاقتصاد وهمي (استهلاكي صرف) والواقع لا اقتصاد بنوا ولا وهم انهوا. ويستمر وهم الاستقرار والذي بوجوده سيستمر وهم الاقتصاد، وهذا الوهم وذاك الغير مبررين سيضيع على الدولة وقت ومال وايرادات سيادية نفطية وغير نفطية، ليظهر وهم إدارة الموارد الاقتصادية عبر بالوعة الفساد والعبث بالمال العام.
وهم وزارة السياحة، كيف يترك مواطن ياباني أو سنقافوري أو فرنسي أبراج توفا فى بحيرة مونو بكاليفورنيا، أوالمدينة المفقودة صن سيتي فى جنوب أفريقيا، أونيو برونزويك الزهرية الصخور فى كندا، أومنتجع رايافادي فى كرابي تايلاند، أومدينة شان شوي فى الصين، أو ملبورن فى أستراليا أو جزر موريشيوس أو حتى فنادق رمادة بتونس أو الغردقة بمصر، ويأتي لبلاد مواطنوها ينامون ويستقيضون على وقع أصوات الانفجارات "نسأل الله الهداية”، إذا مسئولينا جنوا فشعوب العالم لم تجن، والمبكي في الأمر أنه تخصص كل سنة مخصصات لوزارة السياحة، ففي سنة 2017 خصصت وزارة المالية بالموازنة العامة لوزارة السياحة الليبية أكثر 61 مليون دينار، فبربكم ألا يعد الحديث عن الإنفاق على السياحة وتطويرها وهم وسراب.
وهم الاستثمار، كيف تقنع مستتثمر أجنبي فضلا عن المحلي إن وجد، أن يستثمر في دولة لا يوجد بها طرق أمنة ولا وسائل مواصلات سريعة وحديثة ولا مواني تحوي تقنيات حديثة او حتى متخلفة للمناولة ولا مصادر مقدرة لتوفير الطاقة الكهربائية والغازية بشكل ثابت ومستمر ولا وقود للآلات والسيارات.
والطريف في الأمر أن دولة البطالة المقنعة لاتتقتن ولا تبدع الا في الإنفاق الاستهلاكي والاقتيات على الموارد الطبيعية، تنشيء مؤسسة أو مركز لتشجيع الصناعات الصغرى والمتوسطة بل ذهبت إلى ابعد من ذلك وأنشئت قبلها هيئة تشجيع الاستثمار في محاولة للضحك على المستثمر الأجنبي قبل المحلي بأن هناك اقتصاد يعرف بالاقتصاد الليبي. فبالله عليكم ألا يعد هذا ضرب من الخيال الاقتصادي. والنتيجة يخرجون لك أشخاص يهدرون المال العام بأسم رجال أعمال، عبر شرك الاعتمادات التجارية والتبضع للشعب قبيل شهر رمضان، ليجلبوا لكم حاويات فارغة وكريمهم وأكثرهم ورع وتقوى جلبها مليئة بالحجارة والرمال، ليبيع قيمة دولار الاعتماد تحت شرفة البنك المركزي بمبلغ يترواح من 4 الى 9 د.ل بعد منع المواطن منها ومنحها لهم بـ 1.5 د.ل.
ليبيا على طريق اللحاق بالدول المتقدمة، هذا ما يتناهى إلى ذهنك عندما تستمع لصانع القرار الاقتصادي عبر وسائل الاعلام مستطردا الخطط والاصلاحات والبرامج والاتفاقيات الاقتصادية، فالترويج لميزانيات ضخمة حول إنشاء منطقة تجارة حرة أو قطاع للسكة الحديد أو مطار حديث بقيمة عشرات المليارات، في حين تجد الدولة تعاني من هدر ايراداتها واحتياطياتها، وتجد الجهاز المصرفي يعاني من إنعدام السيولة وعاجزة حتى عن منح الودائع الجارية المتمثلة في مرتبات الموظفين والتي وفق القانون ملزمة الدفع عند الطلب، ألا يعد هذا ضرب من ضروب الوهم الاقتصادي، كما أن المستثمر الأجنبي فضلا عن المحلي عندما يري الدولة عاجزة عن توفير السيولة فلن يفكر حتى في سريرته التقدم للاستثمار في ليبيا، وبالتالي ألا يعد هذا وهم اقتصادي وقفز في الهواء.
فليبيا بلد حباه الله بشاطي بحر طوله نحو 1900 كم "وما يحويه من ثروة بيولوجية بحرية هائلة”، وتحدها شمال أوروبا الغربية، وتلتف عليه ست دول أفريقيا، ويجعل هذا الموقع الجغرافي المميز لليبيا اكتسابها ميزة لتجارة العبور عبر خدمات المناولة الدولية من وإلى أوروبا والعمق الافريقي، كما أن ترتيبها الأولى أفريقيا والتاسعة عالميا في مخزون الطاقة الطببعية من النفط والغاز، بل تمتاز بأجود خام نفطي بالعالم، هذا فضلا عن ثروة الطاقة بالبحر والتي يمثل نصيب ليبيا فيه نصيب الأسد بحوض البحر المتوسط. هذا فضلا عن المخزون الضخم من الثروات الطبيعية الأخرى مثل الذهب واليورانيوم والكرستال وغيرها بالإضافة للمخزون الضخم من المياه الجوفية، وكذلك تتميز ليبيا بسطوع شمس طوال العام مما يجعلها واعدة الاستثمار في مجال صناعة الطاقة الشمسية. فكل هذه الثروات والموقع يجعل من ليبيا قوة اقتصادية منافسة للمنطقة بالكامل ولكن نتيجة لسوء إدارة الموارد جعل من ذلك أن ليبيا كانت ومازالت متخلفة ودولة نامية وبنياها التحتية شبه معدومة ولديها مشاكل في التقنية وعدم استقرار أمني وسياسي، بالإضافة إلى أن هذا البلد يعيش في هستريا استيرادية منقطعة النظير مما يجعل انكشافه الاقتصادي عالي جدا، كل هذا يجعل من الاستثمار في الصناعة أمر صعب المنال في المدى المنظور.
تقييد لتنقل رؤوس الأموال وانكشاف عال على الاقتصاد الدوالي وسياسة نقدية غير مستقلة وسعر صرف مبهم لا تعرف ثابت ولا عائم (3.72، و1.42، و0.29، و6.14 ..الخ) كل هذه أسعار صرف تتداول بشكل رسمي حسب ما أظهراته تقارير المؤسسات الرقابية بليبيا، تشوه اقتصادي لا يستطيع اقتصاد أكثر الدول تقدما وتطورا الصمود أمامها.
الإصلاحات الاقتصادية الوهمية المقدمة من صندوق النقد الدولي ومبعوثي الأمم المتحدة، لا يخدم إلا تلك المنظمات وسيهوي بالاقتصاد الليبي أن استمر راسم السياسات الاقتصادية بليبيا الانقياد التام لأوامره في شكل نصائح وتوصيات أو إملاءات، وخير برهان ما حدث في السنوات 2012- 2020 وما حدث في دول مثل الاكوادور وإيران والعراق وغيرها من الدول النامية.
إن يتجاوز موظفي القطاع العام بالدولة الليبية 1.8 مليون موظف. مقارنةً بدولة مثل كندا (ثاني أكبر دول العالم مساحةً، باقتصاد ينتج ($1,550,000,000,000) ترليون وخمس مائة وخمسون مليار دولار سنوياً، والتي لا يتعدى عدد الموظفين في دوائرها الاتحادية والمحلية اكثر من 600 الف موظف (البناي، 2017)، أي ثلث موظفي القطاع العام الليبي والذي لو ينضب النفط والغاز يفلس. هذا لا يعني إلا أَن المخطط الاقتصادي الليبي يعتمد التوظيف الواسع ليس كآلية للتنمية الاقتصادية والدليل على ذلك أن جل القطاعات العاملة في ليبيا لا تساهم بأي قيمة مضافة بالاقتصاد الليبي، ويعتمد الدخل المحلي الإجمالي نحو 100% على تصدير خام الموارد الطبيعية، وكأن راسم السياسات الاقتصادية بليبيا يقدم تلك المرتبات كنفقة او رشوة لاسكات المواطن عن عدم قيامها بوظائفها نحو نمو اقتصادي وتنمية البنية التحتية والحد من البطالة والحد من التضخم ومعالجة العجوزات الداخلية والخارجية وخاصة إذا علمنا أن إنتاجية الموظف الليبي معدوم تقريباً .
من نتائج هذا الوهم أصبح الاقتصاد الليبي كالتالي:
1- بلغ معدل البطالة نحو 20%، وفق تقارير منظمة الامم المتحدة لسنة 2016، أما المقنعة وبدون مبالغة تفوق 90%.
2- نسبة الفقر وفق الدراسات العلمية المعنمدة على بيانات وزارة المالية تبلغ نحو 92% وفق بيانات وزارة المالية والدراسات حول الاقتصاد الليبي.
3- قطاع الصناعة ضرب من الخيال فليبيا بلد مستهلك صرف، لا يصنع شيء، وحتى لو وجدت سلع ذات صناعة ليبيا تجد جل موادها الأولية والمتوسطة مستوردة، في حين تجد الاقتصاد الليبي لديه موارد واحتياطيات ضخمة ولكن تضيع في لاشيء نتيجة سوء ادارتها عبر الاعتمادات وسندات برسم التحصيل لأشخاص يطلق عليهم رجال أعمال يمنحون الثروة الليبية عبر تحويلات العملات الصعبة بقيمة زهيدة ليبيعها في السوق السوداء بأضعاف ثمنها ليحثق صافي ربح يبلغ نحو 600% في بعض السنوات (تقرير ديوان المحاسبة، 2017) بدون اي خدمة يقدمها للاقتصاد الليبي سوى أستنزاف الموارد المالية والاحتياطيات الليبية.
4- وهميا يسوق عبر التقارير الرسمية أن الدين العام الليبي بلغ خلال الفترة 2012-2017 نحو 88 مليار أي ما نسبته 49% من الدخل المحلي الاجمالي في حين دول حجم سكانها أضعاف ليبيا ودينها العام صغير جداً فالسعودية لا يتجاوز دينها العام 6% وايران 16% والجزائر 1%، في حين تظهر التقارير لمؤسسات دولية أن الاقتصاد لا يعاني من أي دين عام بل بلغت الفائض بالاقتصاد الليبي لنفس الفترة نحو 132 مليار د.ل أي معدل الفائض نحو 34% من أجمالي الدخل الليبي.
5- مشاريع معطلة تبلغ قيمتها 140 مليار دولار اي نحو 200 مليار دينار ليبي.
6- استنزاف مدخرات الافراد عبر المصارف التجارية، مستغلة المصارف التجارية عسر السيولة فتقوم عبر عدد من الاساليب لاستزاف دخل المواطن الليبي بالرغم من الزام القانون المواطن بالقطاع العام من تقاضي مرتبه عبر المصارف. ومن هذه الاساليب زيادة رسوم الخدمات المصرفية لتبلغ عشرات الدينارات والتي يضطرر المواطن للقيام بها في ظل رفض المصارف منحه دخله المصنفة ودائع تحت الطلب اي وفق القانون متاحة للمواطن في اي وقت، ولكن يرفض المصرف منحه وديعته الجارية مخالف لقانون المصارف عبر التحجج بإنعدام السيولة ليتربح.
7- بالرغم من خصم مبلغ مالي مابين 60 و70د.ل لكل اصدار او تجديد للبطاقة المصرفية، وخصم مبلغ مالي عن كل عملية شراء بالبطاقة المصرفية او اي كشف او نموذج او مستند، ولكنها تقدم خدمات سيئة عبر البطاقة المصرفية، كالخصم أكثر من مرة لعملية الشراء الواحدة والتي تجعل من ترجعها عملية صعبة للمواطن ويرفض المصرف ارجعها عند اخطاره الا بعد عمليات ادارية معقدة وتحتاج عملية استعادتها أشهر وتصل لـ 6 اشهر أو أكثر، وبالتالي الفرض على المواطن الاشتراك في بطاقات مصرفية موازية لتستنزق مدخراته عبر تكبيده عمولات اخرى اضافية (مثل بطاقة تداول وغيرها).
8- المصرف المركزي ترك وظائفه الرئيسية ليمارس عمل السوق السوداء عبر سوق مزاد للعملات الاجنبية ليبيعه باسعار (1.42، و3.90، و3.72، و0.29)، ليصبح الجهاز المصرفي الليبي من محرك للاقتصاد إلى طرف مستغل يحارب الاقتصاد الوطني والمواطن في لقمة عيشه.
9- أكثر من 12.5 مليار د.ل أي ما نسبته نحو 35% من الكتلة النقدية الليبية هي خارج النظام المصرفي وتحتفظ بها الجهات العامة كمصارف موازية بالمخالفة للقانون المالي هذا فضلا عن ما يتداول ويدخره الجمهور نتيجة لعدم الثقة في الجهاز المصرفي الليبي بسبب عدم الوفاء بالتزماته أمام الجمهور عند طلبه دخلهم التي تحتفظ به عنوة كودائعه الجارية، وإجمالي العملة الصادرة عن المصرف المركزي 35.5 مليار د.ل (18 عملة قديمة، و4 مليار اصدار عملة طبعة بروسيا، و13.5 مليار طباعة بريطانيا). مع العلم أن من يعاني من عسر السيولة هو المواطن العادي أما الجهات الحكومية ومن لف لفها لا يعانون من أي شح في السيولة عند إنفاقها.
10- أظهرت تفارير المؤسسات الرقابية لسنة 2017 بالصفحة 593، أن التضخم في الاسعار قد ترواح ما بين 50% إلى 3700% ما يشير إلى سوء التصرف في إدارة المال العام واهداره والاضرار الجسم به فضلا عن مؤشرات شبهات الفساد التي تحوم حول نسب الزيادة في الاسعار التي تتكبدها الدولة الليبية في عمليات توريد الدواء وارتفاع فاتورته.
11- مشكلة السكن تتفاقم يوم بعد يوم مما يؤدي إلى ارتفاع جامح في أسعار المساكن، وبالتالي إذا افترضنا أن ثلث السكان شباب اي حوالي 2 مليون شاب، أي نحو مليون وحدة سكنية يحتاجه المواطن الان، وستتفاقم المشكلة عام بعد عام.
الخلاصة:
بلد بهذه الظروف وانعدام الثقة في راسمي سياساتها الاقتصادية أو قوانيهاها أو جهازها لمصرفي، بالاضافة لعدم استقرارها لن تبقي لك مستثمر محلي ناجح، هذا فضلا عن جذب مستثمر ييني بنية تحتية متطورة وذات جودة عالية، و حتى إقامة صناعة تساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الليبي، وكل من يأتيك هم الضباع الأموال لا تأتي إلا لتهدر المال العام الليبي وتسرب احتياطياته. ليصدق قول الأمام الشافعي: "ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتول أنت جميع أمرك”.