بعد إنحسار الحرب عن المدن الآهلة بالسكان في كافة انحاء الدولة، وعودة النازحين إلى مساكنهم ومزارعهم ومحالهم وكافة ارزاقهم، يدق السؤال الأكبر.. وهو من سيعوض ويعين المواطنين في مصابهم ويمكنهم من إستئناف حياتهم ؟ بعد أن تكبدوا ما يكفي من ضرر مادي إستنزف مذخراتهم، وضرر معنوي إستنزف صحتهم..
وإذا كنا متفقين على أن جبر الضرر والتعويض الكافي والعاجل هو السبيل الوحيد الذي يخفف من وطأة مخلفات الحرب ويطفئ جزء من نارها، ويعين الدولة كذلك على إعادة إعمار المناطق عن طريق سكانها.
فإن هذا يستتبع طرح أسئلة أكثر دقة مثل تحديد الملزم بالتعويض، والأساس القانوني لإلزامه بالتعويض، والآلية الضامنة لنجاعة التعويض، ووضعه في محله بشكل بعيد عن الإفراط والتفريط..
كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في خزينة التشريعات الليبية، التي صدرت وارشفت دون أن تتحول من كلمات إلى حركات، وأهمها يكمن فإنشاء ي (هيئة لتقصي الحقائق وصندو للتعويضات)، المشار إلى وجوب إنشائهما تنفيذاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 2013 م بشأن العدالة الإنتقالية، الذي الزم الهيئة بدراسة أوضاع النازحين في الداخل و الخارج، والعمل على إعادتهم وحل مشكلاتهم، واتخاذ القرارات اللازمة لتوفير حياة كريمة لهم، وتعويضهم مادياً بالشكل المناسب، وعلاجهم، وتقديم الخدمات الإجتماعية لهم، كل ذلك عبارة إدارة لشئون النازحين ولجنة لتقدير التعويضات تجبر ضررهم من ميزانية صندوق التعويضات، كل ذلك في إطار معالجة الإنتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان وترسيخ السلم الإجتماعي والتأسيس لدولة الحق والقانون المحلي والدولي الحامي لحقي الملكية والأمان.
ولذلك نوصي السلطة التشريعية سرعة تشكيل مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتقصي الحقائق، وإنشاء صندوق التعويضات، وإقرار اللائحة التنفيذية لقانون العدالة الإنتقالية،، والأهم من كل ذلك هو عدم الركون للأسلوب التقليدي للتصدي لمشكلات الحرب بتشكيل اللجان العاجزة، وتأخير مقايسة الأضرار إلى حين إختفائها، والتنسيق الوثيق بين كافة أجهزة الدولة ليكون عمل الهيئة هو الحلقة الثانية بعد حلقة نزع المتفخرات والمخلفات، وتكون الحلقة الثالثة هي عودة النازحين إلى منازلهم، بالتزامن الفوري مع تعويضهم.