فضيحة الرشوة التي انكشفت في ديوان المحاسبة، يجب ألا تمر دون التعامل معها، بحسم أقله إقالة رئيس وأعضاء إدارة الجهاز، وملاحقة المتورطين وتقديمهم إلى العدالة كونه جهازا حساسا أوكلت إليه مهمة سامية، هي حماية وصون أموال الليبيين، ويجب اطلاع الرأي العام على مسار ونتائج التحقيق في هذه القضية، التي أصبحت الآن بين يديء النائب العام.
الفضيحة مروعة، ومختصرها اتهام مسؤول كبير بالجهاز بالتورط في جريمة تقاضي رشوى قيمتها مليون دولار أمريكي، نظير تمرير إجراءات قرض من صندوق الإنماء الاقتصادي لصالح شركة الإنماء للنفط والغاز التابعة للصندوق، قيمته 30 مليون دولار، ولم يقل الجهاز بشأنها كل الحقيقة، وهذا ينطبق على العنصر الأساسي فيما تضمنه بيانه بالخصوص..
فالبيان لم يسمّ بدقة المتهم الرئيس في القضية، واكتفى بوصفه«عضو بديوان المحاسبة» بينما هو حقيقة، مدير الإدارة العامة لتقييم شركات القطاع العام، وهي من أهم إدارات الديوان التي تتعامل مع شركات ضخمة جملة ميزانياتها مليارات الدينارات، مثل شركة الاتصالات، والشركات النفطية، وشركات الاستثمارات، وغيرها،
والبيان ينسب فضل كشف فضيحة الرشوة إلى «آلية العمل والرقابة الداخلية، والفصل في الاختصاصات داخل الديوان»، بينما مصادر موثوقة من داخل الجهاز، تؤكد أن الأمر باختصار هو«مبادرة أحد الموظفين ممن شاركوا في اقتسام الرشوة بالابلاغ عن الواقعة، بعد أن ظل نصيبه من الرشوة، وقدره 100 ألف دولار بحوزته مدة أسبوع تقريبا، وكل ذلك لإكمال السيناريو التقليدي المعتاد في مثل هكذا قضايا، وهو تبرئة وتنزيه رأس الجهة، وحصر الجريمة في الأشخاص الذين يثبت تورطهم بشكل مباشر في القضية..
فضيحة الرشوة في عقر دار ديوان المحاسبة، تطرح أسئلة مهمة عديدة، أولها، لماذا خفف الديوان في بيانه من صفة المتهم الرئيس في قضية الرشوة، وهو مسؤول رفيع ومهم بالجهاز، وأشار إليه فقط بـ«عضو بالديوان»، وثانيها هو، ألا ينبغي بعد انكشاف هذه الفضيحة فتح ملف الفساد بالديوان خلال المدد الماضية، خصوصا ما يتعلق بالاعتمادات وما عرف بالحاويات الفارغة، والقروض، وأذونات التعاقد، خاصة السنوات الثلاث الأخيرة التي تولى خلالها المتهم الأول مسؤولية الإدارة وارتكب بحكم مجال تخصصها جريمته، وثالثها، هل لكل ذلك علاقة بعرقلة التدقيق الدولي لحسابات مصرف ليبيا المركزي، وهو الاتهام التي وجهته إلى الديوان الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالوكالة، ستيفاني ويليامز، في تصريح سابق إلى وكالة «بلومبرغ»، في أبريل الماضي؟