كشف البنك الدولي عن أن الاقتصاد الليبي تعرض في الأشهر الأخيرة الى أربع صدمات متداخلة،وهي صراع مكثف يخنق النشاط الاقتصادي، وإغلاق حقول النفط، مما أدى إلى توقف النشاط الرئيسي المدر للدخل في البلاد، وانخفاض أسعار النفط، ما قلل الدخل في الحقول المنتجة المتبقية إضافة إلى آثار وباء "كوفيد 19" الأمر الذي يهدد بمزيد من الأضرار. وحسب مذكرة صادرة عن البنك الدولي أعدت قبل قرار إعادة فتح حقول النفط " 22 أغسطس الجاري"، فقد تعرضت ليبيا لأخطر أزمة سياسية واقتصادية وإنسانية منذ العام 2011، أثرت على نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وتباطؤه إلى 2.3%، منذ أن بدأ الهجوم على طرابلس أوائل العام الماضي، والحصار المفروض على موانئ ومحطات النفط الرئيسية في البلاد في يناير الماضي.
ووفقا لتوقعات الهيئة المالية الدولية ـ في سلسلة نصف سنوية تقيّم الاتجاهات الاقتصادية الأخيرة الناشئة عن هذه الصدمات - فإن ليبيا تعاني من ركود عميق في العام الجاري. وفي الوقت نفسه ، بعد سنوات من التضخم المرتفع ، بدأت الأسعار في التراجع في عام 2019 بسبب انخفاض علاوات سعر الصرف في السوق الموازية مدفوعة بإجراءات مصاحبة من قبل الحكومة و مصرف ليبيا المركزي إلى جانب فرض رسوم على المعاملات بالعملة الصعبة (183 في المائة) مع تسهيل الوصول إلى العملات الأجنبية. كما أن الدينار الليبي لا يزال يعاني في السوق الموازية بسبب حالة عدم اليقين السياسي وعدم استقرار الاقتصاد الكلي. ففي النصف الاول من عام 2020 ، خسر الدينار في السوق الموازية 54 بالمائة من قيمته ، بعد قيود النقد الأجنبي التي نفذها مصرف ليبيا المركزي مع تزايد عدم اليقين المحيط بإطار الاقتصاد الكلي حسب البنك الدولي.
ومقارنة مع عام 2019 عانت المالية العامة من الضغط على الرغم من ارتفاع عائدات النفط ورسوم العملات الأجنبية مقيدًا بنفقات أعلى وصارمة. وعلى وجه الخصوص استمرت فاتورة الأجور في الارتفاع. ونظرًا للقدرة المحدودة على إنتاج وتصدير النفط فأن الانعكاسات قد تكون كبيرة خلال بقية عام 2020 بسبب إغلاق الموانئ ومحطات النفط ، فمن المتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر هذا العام. وتعكس الميزانية المعتمدة لعام 2020 جزئياً هذا الوضع الصعب مع عجز كبير متوقع ، وهو الأعلى في السنوات الأخيرة.
وبالمثل ، من المتوقع أن يمر الحساب الجاري بعجز غير مسبوق في 2020-2021. ونتيجة لذلك ستزداد الاحتياطيات انخفاضاً هذا العام في حين تبقى المخاطر في ليبيا عالية لأن الصراع أصبح بالوكالة بين الدول المعنية التي لديها أجندات متضاربة. وكسيناريو بديل للتغلب على المحنة الحالية وحالة عدم اليقين دعا البنك الدولي إلى الالتزام بإرادة سياسية وطنية لتوحيد البلاد ومؤسساتها وتنفيذ السياسات والإصلاحات الحاسمة لتعزيز استقرار إطار الاقتصاد الكلي وتنويع الاقتصاد.