أصدر المركزي امس بيانه عن إيرادات و مصروفات الدولة و عن إستخدامات النقد الأجنبي و ذلك عن الفترة من 1/1 حتى 31/8/2020 ( مرفق صورة ) .
هذا و قد تضمن البيان و كما متوقع مؤشرات سلبية تعزز الإعتقاد بل الجزم بضيق هامش المناورة أمام الرئاسي جراء الصعوبات التي ستواجهه في تنفيذ قراراته الأخيرة التي ترتب حقوق مالية للمواطنين سيما قراره رقم ( 564 ) لسنة 2020 م بشأن صرف قيمة علاوة الأبناء و الزوجة عن السنة المالية الحالية دون تقدير قيمتها الإجمالية .
فالإيرادات النفطية المحصلة عن الفترة موضوع البيان بلغت 2.340 مليار دينار فقط في حين بلغت القيمة المقدرة لها بالترتيبات المالية عن ذات الفترة 4.000 مليار دينار أي بعجز قدره 1.660 مليار دينار، كما بلغت الإيرادات السيادية المحصلة من ضرائب و جمارك و فوائض شركات و رسوم خدمات عن الفترة 1.081 مليار دينار في حين بلغت القيمة المقدرة لهذه الإيرادات 2.179 مليار دينار و بعجز أيضاً قدره 1.110 ملياردينار .
و عليه فإن إجمالي العجز في في قيمة الإيرادات النفطية و السيادية حتى 31/8/2020 يقارب من 3.450 مليار دينار و بما نسبته 0/040 من إجمالي الإيرادات المعتمدة بالترتيبات المالية و المقدرة ب 9.693600 مليار دينار .
و في حال ما أستمرت الأوضاع على ما هي عليه الأن أي إستمرار حالة الإنسداد السياسي و عدم توصل أطراف الصراع لحل ينهي حالة الإنقسام و هذا متوقع رغم المساعي الدولية و الحتيتة ، فإن هذا يعني إستمرار تجميد أو تحييد إيرادات النفط حتى و إن آستئنف تصديره و من تمة تنامي قيمة هذا العجز مع نهاية العام إلى ما يقارب من 5 مليار دينار و بما نسبته 0/055 من إجمالي قيمة الإيرادات المقدرة أو المعتمدة .
و في المقابل بلغ إجمالي الإنفاق العام الفعلي عن الفترة موضوع البيان ما قيمته 23.439 مليار دينار موزعة على الأبواب التالية -
المرتبات 14.446 مليار دينار .
الباب التاني 2.141 مليار دينار
التنمية 1.400 مليار دينار
الدعم 3.733 مليار دينار
الطوارئ 2.325 مليار دينار .
و عليه فإن البيان أظهر عجز مالي يقارب من 20 مليار دينار .
و لكن وفق للترتيبات المالية و التفاهمات التي تمت بشأنها و ذلك فيما يتعلق بضمان إستدامة التمويل و التي تقضي بضرورة تخصيص عوائد الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي لإطفاء الدين العام و تمويل البرامج التنموية في مقابل قيام المركزي بتمويل العجز بالترتيبات المالية المعتمدة 2020 م ( مرفق صورة ) بموجب قرض و المقدر بقيمة 26.706400 مليار دينار فإن الامر يبدو مختلف فإيرادات الحكومة من مبيعات النقد الأجنبي عن الفترة بلغت 14.200 مليار دينار خصص منها 12.800 مليار دينار لإطفاء الدين العام و مبلغ 1.400 دينار للبرامج التنموية في حين بلغت قيمة أقساط القرض المسيل من المركزي 17.804 مليار دينار و هذا المبلغ يمثل ما نسبته 8/12 من إجمالي قيمة القرض .
و بما إن الإيرادات النفطية و السيادية المحصلة بلغت 2.340 مليار دينار يضاف اليها قيمة الرسم أو الضريبة المخصص لتمويل البرامج التنموية و البالغة 1.400 مليار دينار .
عليه فإن إجمالي المبالغ المسيلة لحساب الحكومة خلال الفترة بما فيها قيمة أقساط القرض تناهز من 21.544 مليار دينار ، و حيث إن الإنفاق الفعلي بلغ 23.439 مليار دينار فهذا يعني إننا أمام عجز مالي فعلي يقارب من 2.000 مليار دينار و هذا العجز ناتج عن الهبوط الحاد في الإيرادات النفطية و متوقع أن يصل في نهاية العام و كما أسلفنا مع إستمرار حالة الإنسداد السياسي إلى 5 مليار دينار و هذا هو المبلغ الذي يتطلب من الرئاسي و حكومته تدبيره فهذا المبلغ غير مشمول بالقرض المذكور لتغطية العجز .
و مع إن الآنفاق الفعلي عن الفترة موضوع البيان يقل عن القيمة المقدرة له خاصة في أبواب التسيير و التنمية و الطوارئ بقيمة تقدر 2.500 مليار دينار فإن هذا الوفر لا يمكن التعويل عليه بإعتبار كافة الحكومات السابقة و منذ عقود أعتادت على إتباع سياسة إستنفاذ المخصصات مع نهاية العام بحجة تراكم الفواتير و تأخر التفويضات حيث يصل أحياناً الإنفاق في شهر ديسمبر وحده من كل عام ما نسبته 0/045 من إجمالي الإنفاق على مدار السنة .
عليه و بناءاً على ما تقدم و تأكيداً لما أشرنا اليه سابقاً فإن الرئاسي و حكومته في وضع صعب لا يحسد عليه فمن جهة مطالب بتوفير ما قيمته 5 مليار دينار تقريباً لتغطية قيمة الزيادة في عجز الميزانية أو الترتيبات المالية جراء هبوط الإيرادات النفطية و السيادية ، و من جهة أخرى مطالب بتوفير ما قيمته 3 مليار دينار على الأقل لتغطية علاوة الأبناء .
قانوناً قيمة مخصصات العلاوة لم تدرج أو غير واردة بالميزانية أصلاً ( الترتيبات المالية 2020 ) ما يعني صرفها يتطلب إعتماد إضافي يقدمه وزير المالية و ذلك عملاً بأحكام المادة (10 ) من القانون النظام المالي للدولة و المواد (31) و (32 ) من لأئحة الميزانية و الحسابات على أن يوضح الأسباب و المبرارات و المور أو المصدر اللازم لتغطيته .
عملياً إيرادات الرسم مخصصة لإطفاء الدين العام و البرامج التنموية و فق تفاهمات بين الرئاسي و المركزي و تنفيذاً للبند الرابع من حضر الإصلاحات الإقتصادية و من تمة إستخدام هذه العوائد في تمويل قيمة العلاوة قد تواجه برفض المركزي و تفجر الخلاف بينهما مجدداً .
و مع ذلك يبقى أمام الرئاسي و حكومته هامش للمناورة او الحركة لتجاوز الصعوبات و صرف العلاوة و إن كان ضيق شريطةً تكفل المركزي بتمويل الزيادة في قيمة العجز و المقدرة ب 5 مليار دينار حيث على ضوء ذلك يستطيع الرئاسي و حكومته القيام بالأتي -
- الترشيد و الضغط في الإنفاق في أبواب التسيير و التنمية و الطوارئ حيث هذه البنود أظهرت حتى 31/8/2020 وفراً قدره 2،5 مليار دينار و بالتأكيد الإقتصاد في الإنفاق و الحد من الهدر و الاسراف يمكن أن يوفر ما قيمته 2.000 مليار دينار .
- إستخدام الرئاسي و حكومته لإيرادات ديسمبر 2019 م المتبقية و البالغة 2.872 مليار دينار .
- يمكن للرئاسي رفع سعر الضريبة أو الرسم على مبيعات النقد الأجنبي و دلك بالتنسيق مع المركزي حيث يمكن أن يوفر هذا الإجراء إيرادات إضافية رغم تداعياته السلبية على الإحتياطي الأخد في التراجع .