مصارف-أقلام
العاملون فى بعض القطاعات الخدمية العامة يطالبون بزيادة مرتباتهم أسوة بغيرهم من العاملين فى بعض القطاعات الأخرى التى تم رفع مرتباتهم فى الأونة الأخيرة، والحجة عند الاثنين مشكلة ارتفاع الأسعار وبالتالي انخفاض دخولهم الحقيقية .
ذلك لا شك أنه مطلب مبرر واستحقاق لهم ، لكن هناك آخرون يعملون فى قطاعات أخرى لم يشملهم أي ارتفاع في الأجور لمقابلة موجة التضخم منذ حوالي ست سنوات ، حيث ارتفعت الأسعار إلى أكثر من الضعفين .
وحيث أن الاقتصاد الليبي يستورد أكثر من 80% من حاجاته الاستهلاكية من الخارج ، فلا شك أن تأثير تغير سعر صرف الدينار الليبي له الدور الأساسى فى اشتعال موجة التضخم ، خاصة عندما لا تفتح الاعتمادات الكافية للاستيراد ، وعدم مراقبة الموردين ، والواردات الوهمية ، إلى غير ذلك من أنواع الفساد .
نشأ عن ذلك ظهور السوق السوداء فى العملات والسوق الموازية فى السلع ، ولحل المشكلة جزئياً فرضت الدولة رسوم على الواردات من السلع والخدمات تمثل حوالي الضعفين زيادة على السعر الرسمى .
وبالتالي تأكد أن الأسعار لن تنخفض ليعود دخل المواطن لما كان عليه قبل موجة التضخم ، وبالتالي طالبت كثير من فئات المجتمع بزيادة دخولها بما يضمن ثباتها وليس زيادتها .
المشكلة أساساً فى تغيير سعر الصرف أو فرض الرسم الجديد ، وهناك من يقول بتغيير سعر الصرف الرسمي، وخفض قيمة الدينار ، وكأن حل المشكلة الاقتصادية وزيادة رفاهية المجتمع أو حتى المحافظة عليها تحل بتخفيض قيمة الدينار التى هى السبب فى المطالبة بزيادة الأجور .
لو كان ذلك صحيحاً لما كانت هناك أي مشكلة عند كل الدول التي تعاني من بعض المشاكل الاقتصادية ، ولكن الحل عن طريق خفض قيمة العملة المحلية غير صحيح وخاصة فى ليبيا ، حيث الإنتاج المحلي لن يرتفع، لإنصاف العرض بعدم الاستجابة لتغيرات السعر.
لو استمر الحال على ما هو علية دون اتخاذ سياسات مناسبة تتعلق بالاستثمار وترشيد الإنفاق العام والخاص ، وتوجيه استخدام الصرف الأجنبي ، فإنه بعد سنوات قليلة سنواجه بطلب زيادة المرتبات والأجور مرة أخرى وهكذا .
إلي متى يتم استخدام سياسات عشوائية غير مدروسة ، مبنية على أراء بعض من غير ذوي الاختصاص والمستفيدين من هذه الأوضاع ، حيث معالجة الأوضاع الاقتصادية من بطالة ، وتضخم ، وعجز فى الميزانية ، وميزان المدفوعات …الخ هى عمليات متداخلة ومعقدة ، وليست بالبساطة التى يتحدثون عليها ، وإلا لما كانت هناك مشاكل اقتصادية فى ليبيا ولا غيرها من الدول .