آخر الأخبار
أسعار العملات
الدولار الأمريكي  4.5105 د‫.‬ل   اليورو  5.3779 د‫.‬ل   الجنيه الاسترليني  6.2836 د‫.‬ل   الدولار الكندي  3.5755 د‫.‬ل   الدولار الاسترالي  3.4961 د‫.‬ل   الفرنك السويسري  4.8464 د‫.‬ل   الكرونر السويدي  0.5321 د‫.‬ل   الكرونر النرويجي  0.5353 د‫.‬ل   الكرونر الدنمركي  0.7231 د‫.‬ل   الين الياباني  4.15 د‫.‬ل   الريال السعودي  1.2026 د‫.‬ل   الدرهم الاماراتي  1.2281 د‫.‬ل   الدينار التونسي  1.6388 د‫.‬ل   الدينار الجزائري  0.338 د‫.‬ل   الدرهم المغربي  0.5004 د‫.‬ل   اوقية موريتانية  1.26 د‫.‬ل   فرنك افريقي  0.0082 د‫.‬ل   الروبل الروسي  0.612 د‫.‬ل   الليرة التركية  0.6021 د‫.‬ل   الايوان الصيني  0.6941 د‫.‬ل  

نور الدين يكتب لمصارف : ( تصريحات وزير المالية الأخيرة غير واقعية و تفتقر للدقة و لا تخفي حقيقة الأوضاع المالية المتأزمة للحكومة ) ( قراءة تحليلية من واقع بيانات رسمية)

مصارف _مقالات 

بقلم /نور الدين حبارات 

أدلى السيد وزير المالية مؤخراً من خلال مؤتمر صحفي له بتصريحات عن الأوضاع المالية للدولة و عن بعض الإجراءات التي تعتزم الحكومة أو الوزارة إتخادها سيما فيما يتعلق بصرف المرتبات المستحقة و المتراكمة لعشرات الألاف من المواطنين المعينين منذ سنوات .

و نظراً لأهمية الموضوع فهو محل ترقب و متابعة من قبل عامة المواطنين فأني رأيت ضرورة الوقوف عند تلك التصريحات و تناولها بالدراسة و التحليل بكل مهنية و حيادية و من واقع أرقام و بيانات رسمية و في إطار القوانين و التشريعات المالية ذات العلاقة للحكم على مدى واقعيتها من عدمها أي هل قابلة للتطبيق في ظل الأوضاع المالية و الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد اليوم و ما هي أثارها و تداعياتها المباشرة و غير المباشرة على الإقتصاد ؟؟؟.

 و من خلال دراستنا و تحليلنا لتلك التصريحات فإنه يمكن لنا القول بل الجزم بإنها جاءت مغايرة وبعيدة عن الواقع و تفتقر للدقة و الوضوح و لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تخفي أو تغير من حقيقة الأوضاع المالية المتأزمة للدولة جراء تدهور الناتج المحلي للبلاد و تفاقم الدين العام و تنامي العجز في الميزانية و ميزان المدفوعات فضلاً عن الهبوط الحاد في الإيرادات العامة و إرتفاع معدلات التضخم و البطالة و إنهيار الخدمات الأساسية إلى جانب التشوه الكبير في الإنفاق العام بعد أن طغى الإنفاق الإستهلاكي على معظم أبوابه إن لم نقل جلها .

هذا و يمكن لنا إيجاز أهم ماتم ملاحظته في الأني -
1- ذكر السيد الوزير إن هناك فائض في الإيرادات النفطية خلال العامي 2018 و 2019 م بقيمة 6 مليار دينار .

و الحقيقة إن هذا المبلغ يمثل فائض في قيمة الإيرادات النفطية المحصلة فعلياً عن القيمة المقدرة لها بالميزانية و ليس فائض في ميزانيتي  2018 أو 2019 حيث هاتين الميزانيتين سجلتا في مجملهما عجز مالي بقيمة 4.600 مليار دينار و 11.895 مليار دينار على التوالي تم تغطيته بالمخالفة من خلال عوائد الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي المخصصة أصلاً لإطفاء الدين العام و تمويل البرامج التنموية و ليس لتمويل العجز و  ذلك وفق للقرار رقم 1300 لسنة 2018 م بشأن فرض الرسم ( مرفق صورة ) و اذاما سلمنا جدلاً بما قاله السيد الوزير و وضعنا قيمة الفائض في الإيرادات النفطية جانباً فإن إجمالي العجز خلال عامي 18 ، 19 يناهز من 22.495 مليار دينار و ليس 16495 مليار دينار .

و في المقابل لم يتطرق السيد الوزير إلى الإيرادات السيادية المحصلة خلال العامين 2018 و 2019 م و التي تقل كثيراً عن القيمة المقدر لها بالميزانية و توضيح أسباب ذلك سيما و إن جباية هذه الإيرادات إحدى أهم و أبرز مهام الوزارة ، ففي العام 2018 بلغت القيمة المقدرة لها بالميزانية 5.600 مليار دينار في حين بلغت القيمة المحصلة منها 2.372 مليار دينار فقط أي بعجز قدره  3.228 مليار دينار ، كما بلغت القيمة المقدرة لهذه الإيرادات للعام 2019 م 4.600 مليار دينار في حين بلغت القيمة المحصلة منها 2.524 مليار دينار فقط و بعجز أيضاً قدره 2.076 مليار دينار . ( مرفق صورة من بياني المركزي عن العامي 18، 19 ) .

و بما إن حصيلة الإيرادات السيادية من ضرائب و جمارك و رسوم خدمات و فوائض الشركات العامة و بواقي ارصدة القطاعات تعتبر مؤشر لقياس مدى  قدرة و كفاءة أداء وزارة المالية في جبايتها للإيرادات و تحصيلها للديون فإن نسبة هذه الإيرادات لا تتجاوز و للأسف 0/04 من إجمالي الإيرادات كما لا تتجاوز مساهمتها في تمويل الميزانية ما نسبته 0/03 و هذه نسب خجولة و ضعيفة جداً ،
2- ذكر السيد الوزير إنه تحقق فائض في إيرادت الرسم على مبيعات النقد الأجنبي بقيمة 7.5 مليار دينار خلال عامي 2018 م و 2019 م .

و الحقيقة هذا المبلغ يفترض تخصيصه لإطفاء الدين العام المصرفي  وفقاً القرار المشار إليه و هذ ا ما يقتضيه المنطق فطالما هذا الدين في تزايد بعد أن ناهز من 80 مليار دينار بإعتراف الوزير نفسه و الإيرادات العامة شبه معدومة حيث لا تتجاوز حصيلتها هذا العام حتى نهاية اغسطس الماضي ما قيمته 3.762 مليار دينار فقط فالأولوية تبقى لإطفاء هذا الدين لإن بالتأكيد المركزي لن بستطيع الإستمرار في التمويل إلى ما لا نهاية  فإحتياطياته في النهاية محدودة .

3 - ذكر السيد الوزير إنه تم ترشيد الإنفاق خلال العام الحالي في بند المرتبات بما قيمته 3 مليار دينار .
و في رأيي هذا الكلام غير دقيق لأسباب عدة فأولاً السنة المالية لم تنتهي بعد حتى نقف على حقيقة هذا الوفر ، كما إن هذا الوفر يرجع أساساً لقرار الرئاسي بشأن تخفيض ما نسبته 0/020 من مرتبات فئات معينة من العاملين ببعض الجهات و هذا  القرار اليوم محل طعن أمام القضاء الإداري الذي قرر مؤخراً إيقاف تنفيذه إلى حين الفصل الموضوع ، كما إني أتحفظ على مصطلح الترشيد فالتشريد في الإنفاق يعني في الغالب الإنفاق في الأوجه و الأغراض التنموية و بما ينعكس إيجاباً في تحسين مستوى الخدمات في حين ما أنفق جله إستهلاكي فالمبالغ التي أنفقت على التنمية خلال هذا العام حتى اغسطس الماضي لاتتجاوز 600 مليون دينار من إنفاق إجمالي يناهز من 24 مليار دينار .

4 - ذكر السيد الوزير إن هناك فائض في الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي يصل إلى 14 مليار دينار مع نهاية هذا العام وفق لبيان المركزي .
و في الحقيقة هذا الكلام أيضاً غير دقيق فإيرادات الرسم و فق للتفاهمات التي تمت بين الرئاسي و المركزي في مارس الماضي بشأن الترتيبات المالية 2020 م  و التي أخدت في الإعتبار توقف إنتاج و تصدير النفط تقضي بأن تقوم الحكومة بتخصيص الجزء الأكبر من هذه الإيرادات لإطفاء الدين العام المصرفي و الجزء الأخر لتمويل البرامج التنموية و في مقابل ذلك يقوم المركزي بتمويل العجز بالترتيبات المالية المعتمدة و المقدر  بقيمة 26.707400 مليار دينار و هذا ما يتم العمل به حتى يومنا هذا أي تنفيذ البند الرابع من محضر الإصلاحات الإقتصادية ( مرفق صورة ) فقيمة إيرادات الرسم لهذا العام حتى أغسطس الماضي بلغت 14.200 مليار دينار خصص منها 12.800 مليار دينار لإطفاء الدين العام المصرفي و الجزء المتبقي أي 1.400 مليار دينار خصص للبرامج التنموية في حين بلغت قيمة قرض المركزي المسيل لوزارة المالية لتمويل العجز 17.804 مليار دينار و بما نسبته 8/12 من قيمة إجمالي العجز أو القرض و هذه التفاهمات تعزز ما يعرف بضمان إستدامة التمويل في ظل توقف النفط و لا بجوز للسيد الوزير التنصل منها أو الإنقلاب عليها  .

5- أشار السيد الوزير إن قرارات الإصلاح الإقتصادي خفضت أثار التضخم و سعر الدولار و حققت فائضاً مالياً .

و في الحقيقة هذا الكلام غير دقيق إطلاقاً و لا وجود له اليوم  فما يسمى ببرنامج الإصلاح الإقتصادي لم يكن برنامج للإصلاح بل كان مجرد ضريبة مجحفة فقط فرضت على المواطنين بشكل غير مباشر و لم تتخد الحكومة و لا وزارة المالية أي إجراءات بشأن حزمة الإصلاحات المرافقة لها ، و اليوم يدفع المواطنين وحدهم تداعيات الإصلاح المزعوم جراء ارتفاع معدلات التضخم و انخفاض قيمة الدينار و شُح السيولة و تراجع إحتياطي الأجنبي و تأكل المدخرات .
6 - ذكر السيد الوزير إن الدين العام لا يقتصر على دين المركزي (80) مليار دينار بل بشمل أي إلتزام على الحكومة و أهمها المرتبات المتأخرة .

و هناء اتفق معه بالخصوص و لكن يجب تذكيره أيضاً بالدِّين الذي رتبته الحكومة المؤقتة في شرق البلاد الذي قد يناهز 55 مليار دينار بالإضافة إلى فاتورة إعمار ما دمرته الحروب .

7 - ذكر السيد الوزير إن الأولوية في سداد الدين العام للمرتبات المتأخرة و الإفراجات للمعينين منذ مدة دون مرتبات .

و في الوقت الذي أوكد فيه على أحقية المواطنين في مطالبهم العادلة و المشروعة و في صرف كافة مرتباتهم و التي تكفلها لهم القوانين و التشريعات النافذة ، فأني أختلف مع ما تفضل به السيد الوزير في الألية فمالياً إعطاء الأولوية في سداد الدين العام للإلتزامات المالية القائمة قبل الدين المصرفي في ظل تفاقم هذا الدين و الهبوط الحاد في الإيرادات العامة و انعدام مصادر التمويل الأخرى بإعتبار ذلك حتما سيعجل بإفلاس الدولة و إنهيار خط دفاعها الأخير خاصةً في ظل حالة عدم اليقين التي تغيم على المشهد السياسي و التي لا بستطيع أحد التنبوء بنهايتها ، فإحتياطي المركزي اليوم محدود بعد أن خسر قرابة أكثر من ثلثي قيمته التي سجلها في بداية 2012 م ، أما إقتصادياً فبالتأكيد سداد تلك الإلتزامات سيؤدي إلى زيادة المعروض النقدي بشقيه و زيادة الطلب على الإستهلاك و من ثم إرتفاع أكثر لمعدلات التضخم و سعر الدولار تفاقم أكثر لأزمة السيولة .

عليه و بناءا على ما تقدم فإنه يمكن لنا إستخلاص الأني .

1- إن السيد وزير المالية يبدو لا يولي أهمية لتفاقم الدين العام و خطورته على الأوضاع المالية الدولة و على مستقبل الأجيال القادمة كما يبدو إنه في حل من مقرارات ما يسمى ببرنامج الإصلاح الإقتصادي الذي يتباهى به التي توجب منح الأولوية لإطفاء الدين المصرفي من عوائد الرسم ( الضريبة ) .

2- إنه ليس لديه أي رؤية أو إستراتيجية لجدولة الدين و إستهلاكه .

3- إنه ربما لا يعلم إن نسبة حجم هذا الدين بشقيه ( المصرفي و الإلتزامات ) إلى الناتج المحلي للبلاد قد تصل إلى قرابة عشرة أضعافه و السؤال هو كم نسبة دين عام لبنان المنهار إقتصادياً إلى ناتجه المحلي ؟ 

4- إن السيد الوزير ربما لا يعلم أيضاً إن الحكومة المصرية تخصص سنوياً قرابة 0/050 من إيراداتها العامة لإستهلاك  أقساط الدينين و الفوائد ،
لكن في الختام يبقى الأهم من كل ذلك هو التدكير بإن القوانين و التشريعات المالية النافذة كالقانون المالي للدولة و قوانين الميزانية و القانون رقم (15) لسنة 1986 م و قانون المصارف جميعها تحظر نشأة الديون إلا بقانون فما بالك بتفاقمها و بلوغها معدلات قياسية لربما الأكبر في العالم .

    نورالدين رمضان حبارات 
   متابع و مهتم بالشأن    
  الإقتصادي و السياسي