مفهوم ضمان إستدامة التمويل أو ما يعرف ب insuring sustainably of financing هو ألية و تفاهمات تمت بين الرئاسي و المركزي في مارس الماضي بموجب الترتيبات المالية المعتمدة للعام الحالي 2020 م و ذلك بهدف تعزيزإستدامة قدرة المركزي في تمويل الميزانية في ظل التوقف التام لإنتاج و تصدير النفط الممول الرئيس و الوحيد لها .
حيث بموجب هذه التفاهمات يتكفل المركزي بتمويل قيمة العجز الإجمالي بالترتيبات المالية 2020 م و المقدر ب 26.706.400 مليار دينار و ذلك في شكل قرض حسن و الذي يمثل ما نسبته 0/070 من قيمة الترتيبات المقدرة ب 38.500 مليار دينار ( مرفق صورة ) .
على أن يسيل المركزي هذا المبلغ في شكل أقساط كل ربع سنوي أو بما قيمته 2.225 مليار دينار شهرياً .
و في المقابل تؤول أو بالأحرى تلتزم وزارة المالية بتخصيص كل عوائد الرسم أو الضريبة على مبيعات النقدالمتوقع تحصيلها خلال العام الحالي 2020 م في إطفاء الدين العام المصرفي المتراكم و الذي يقدر إجماليه بأكثر من 140 مليار دينار لدى مصرف ليبيا إلى جانب تمويل مخصصات البرامج التنموية المقدرة ب 2.100 مليار دينار .
و بالعودة إلى بيان مصرف ليبيا الأخير ( مرفق صورة ) الذي يوضح الموقف التنفيذي للميزانية حتى نهاية أكتوبر الماضي نلاحظ ما يلي:
1- بلغت الإيرادات النفطية ما قيمته 2.400 مليار دينار .
2- بلغت الإيرادات السيادية ما قيمته 1.628 مليار دينار .
3- بلغت قيمة عوائد الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي المخصصة للبرامج التنموية ما قيمته 1.575 مليار دينار .
إذن قيمة إجمالي الايرادات 5.603 مليار دينار فقط .
4- بلغت قيمة عوائد الرسم على مبيعات النقد الأجنبي المحصلة عن الفترة 15.117 مليار دينار خصص منها مبلغ 15.542 مليار دينار لإطفاء الدين العام و خصص باقي المبلغ و هو 1.575 مليار دينار لتمويل البرامج التنموية .
5- بلغت قيمة أقساط القرض المسيلة من قبل المركزي لتغطية 22.255 مليار دينار
و في المقابل بلغ إجمالي الإنفاق العام ما قيمته 26.788 مليار ( مع ملاحظة لا يتضمن هذا المبلغ قيمة مرتبات أكتوبر المنصرم ) .
عليه فإن قيمة العجز حتى نهاية الفترة يقدر ب 21.185 مليار دينار دون إحتساب مرتبات أكتوبر حيث مول هذا العجز من خلال القرض .
مه ملاحظة متبقي لدى الحكومة قيمة الإيرادات النفطية عن شهر ديسمبر 2019 م و البالغة 2.871 مليار دينار .
و السؤال هناء هل بإمكان المركزي تمويل هذا العجز في ظل رفض وزارة المالية إطفاء الدين العام من خلال عوائد الرسم ؟؟؟؟
بالتأكيد الإجابة ستكون ب لا و ذلك لعدة أسباب أبرزها :
1- إحتياطيات المركزي محدودة فهي اليوم ليست كما كانت في نهاية 2011 م بعد أن خسرت قرابة أكثر من 0/060 من قيمتها و بالتالي لن يستطيع المركزي الصمود إلى ما لا نهاية ، فعدم إطفاء الدين يعني لنا إن الدين المصرفي المقدر ب 140 مايار دينار سيتزايد بقيمة القرض الحسن إلى ما يقارب من 163 مايار دينار و هذا مؤشر خطير له تداعيات سيئة على الإقتصاد خاصةًً في ظل حالة عدم اليقين التي تغيم على المشهد السياسي منذ قرابة سبع سنوات و التي لا يستطيع أحد التنبؤ بنهايتها رغم الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة لإنهاء الصراع ، أما في حالة تخصيص عوائد الرسم لإطفاء الدين العام فهذا يعني إن قيمة الدين ستنخفض بمقدار 13.542 مليار دينار و هي قيمة العوائد أي إلى ما يقارب من 150 مليار دينار و هذا أيضاً مؤشر خطير و إن كان أقل حدة .
2- إننا على أعتاب نهاية العام ما يعني ضرورة تدبير الحكومة لميزانية للعام 2021 م و التي لا تقل عن 50 مليار دينار في حال توحيدها ماذا و إلا ستعجز عن دفع مرتبات العاملين .
و السؤال كيف و من أين يمكن لها تدبير ذلك ؟؟؟؟
كما إن إيرادات النفط للعام 2021 م حتى في ظروفها الطبيعية قد لا تتجاوز 16 مليار دولار و ذلك نتيجة تراجع الطلب العالمي بسبب كورونا و هذه قيمة ضئيلة قياساً بحجم الإنفاق العام .
عليه و بناءاً على ما تقدم و للخروج من هذا المأزق فإن الامر يتطلب ضرورة إلتزام الحكومة بإطفاء أو إحتواء الدين العام من خلال عوائد الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي و بالتوازي ضرورة توصل أطراف الصراع أو المتحاورين و على وجه السرعة لإنفاق سياسي شامل و دائم لإنهاء الصراع عبر إنتاج سلطة تنفيذية توحد مؤسسات الدولة و بما يمهد لتسييل و تدفق إيرادات النفط و الشروع فوراً في إجراء إصلاحات إقتصادية حقيقية تعالج أو تحد من الإختلالات و التشوهات الإقتصادية و تخفف من معاناة المواطنين .